وقعت غزوة بدر الآخرة في شعبان من السنة الرابعة هجرية، واستعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبدَ اللهِ بنَ عبدِ اللهِ بنِ أُبي بن سَلُول الأنصاريَّ عَلَى المدينةِ. فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثماني ليال ينتظر أبا سفيان، فأتاه مخشيُّ بن عمرو الضَّمري، وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ''ودان''، فقال: يا محمَّدُ، أجئتَ للقاء قُريشٍ على هذا الماءِ؟ قال: نعم، يا أخا بني ضمرة، وإنْ شئتَ مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك، ثمّ جالدناك حتّى يحكمَ اللهُ بيننا وبينك، قال: لا، والله، يا محمّدُ، ما لنا بذلك منك من حاجة. وخرَج أبو سفيان في أهل مكة حتّى نزل مِجنَّة، من ناحية الظَّهْرَان، وبعضُ النّاس يقول: قد بلغ عسفانَ، ثمّ بدَا له في الرجوع، فقال: يا معشرَ قريش، إنّه لا يصلحكم إلاّ عام خصيب ترعون فيه الشَّجر وتشربون فيه اللّبنَ، وإنَّ عامكم هذا عامُ جَدْبٍ، وإنِّي راجعٌ فارجعُوا، فرجَع النَّاس، فسمّاهم أهلُ مكة ''جيش السَّويق''، يقولون: إنَّما خرجتُم تشربون السَّويقَ.