حذرت مصادر مطلعة من الغموض والتلاعبات التي تميز أموال تبرعات المحسنين، حيث أوضحت بأن هناك أزيد من 15 ألف صندوق زكاة مثبتة في مداخل المساجد، غير خاضعة لأي رقابة بالرغم من أنها تشهد تداول أموال ضخمة من تبرعات المحسنين وأهل البر. وصفت الجهات المتابعة لهذا الموضوع، الصناديق المذكورة بالعلب السوداء، كناية عن عدم خضوعها للرقابة المفترضة من قبل هيئات أو لجان واضحة، حيث أن التسيير الراهن لهذه الصناديق يستحيل معه معرفة حجم الأموال التي تفرغ فيها، ولا الوجهات التي تُصرف فيها، علما أن هناك أكثر من 15 ألف صندوق متوزعة عبر مساجد الجمهورية، ما يعكس الحجم الرهيب للأموال التي تدخل خزينة هذه الصناديق بصفة مستمرة وعلى طول السنة دون حسيب ولا رقيب. وحسب ذات المتحدثين، فإن الإشكال الشرعي الذي تطرحه هذه الصناديق، هو أنها تحمل تسميات صناديق زكاة، غير أنها في حقيقة الأمر ليست كذلك، باعتبار أنها أماكن لتجميع صدقات وتبرعات المحسنين، وهو مكمن التعقيد، باعتبار أنه تصعب مراقبتها في ضوء التدابير الجارية، خاصة أن هذا النوع من التبرعات غير خاضع لأي توثيق أو تقنين، فضلا عن عدم وجود نسبة يُمكن الارتكاز عليها لإجراء الرقابة مثلما هو الحال بالنسبة لزكاة الفطر أو زكاة الأموال، مضيفين بأن هذه الصناديق التي تفلت من الرقابة تتداول فيها أموال هائلة، خاصة في الأحياء الراقية، وأثناء المواسم، وأيام الجمعة، وعند توجيه نداءات خاصة للمصلين من أجل التبرع لدواع مختلفة. وفي هذا السياق، يستوجب على السلطات الوصية وعلى رأسها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، على حد تعبير ذات المصادر، اتخاذ الآليات اللازمة من أجل تحصين هذه الأموال عن طريق إخضاعها للرقابة القانونية استنادا للضوابط الشرعية، خاصة أن الموضوع يتعلق بأموال كبيرة، فضلا عن الحرص على تحسيس مرتادي المساجد بالفرق الجوهري الكائن بين أموال الصدقات والتبرعات وأموال الزكاة وذلك درءا لأي لبس أو شبهات. وكانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف قد بادرت، قبل سنوات، إلى مجموعة من الآليات في إطار تحصين أموال الزكاة بعد تسجيل شبهات تدور حول طرق جمعها، حيث ألزمت الأئمة بعدم الاستئثار بجمعها وتوسيع دائرة ذلك إلى لجان مشكلة من أعيان الأحياء من أهل الثقة وأعضاء اللجان الدينية، وذلك تفاديا لأي اتهامات. في حين لا تزال أموال التبرعات والصدقات التي يتم تجميعها في إطار الصناديق المذكورة طول السنة غير خاضعة لأي نظام رقابي.