في ضوء الأخبار التي تتحدث عن اتصالات أجراها سيف الإسلام القذافي مع موريس مورينو أوكامبو مدعي المحكمة الجنائية الدولية، لتسليم نفسه رفقة مدير مخابرات القذافي عبد الله السنوسي، يمكن طرح أسئلة حول ما إذا كان ''أصدقاء سيف الإسلام'' من قادة ليبيا الجدد قد تدخلوا لمنع قتله، كما قتل والده وشقيقاه خميس ومعتصم. وغني عن القول إن سيف الإسلام القذافي منذ عام 2005 بدأ يظهر بقوة للرأي العام المحلي في ليبيا وخارجها على أنه ''الرئيس القادم''، وبناء على هذه المعطيات تنازل القذافي لنجله سيف الإسلام للقيام بعدة مهام، أبرزها الشروع في عملية إصلاح للنظام السياسي في ليبيا، والتحضير لمرحلة إطلاق ما أسماه في حواره ل''الخبر'' شهر جويلية الماضي، ''الجماهيرية الثانية''. ولتحقيق هذا الهدف، قرّب سيف الإسلام منه عدة شخصيات أبرزها مصطفى عبد الجليل الذي رقي إلى منصب وزير العدل، وخلال الفترة الممتدة من 2005 وحتى 2008 أشرف سيف الإسلام من خلال شبكة علاقاته في العالم من استرجاع عدد كبير من كوادر ليبيا المتواجدين في الخارج، ومنهم محمود جبريل رئيس الحكومة المؤقتة في المجلس الانتقالي، كما وفر سيف الإسلام الغطاء لدخول الكثير من رموز المعارضة الليبية إلى وطنهم في سياق المصالحة. داخليا، باشر سيف الإسلام القذافي، من خلال فريق عمل اختاره هو، إصلاحات سياسية أبرزها التحضير لدستور جديد، وكذلك مراجعات فكرية مع عناصر الجماعة الليبية المقاتلة التي كان يقودها عبد الحكيم بلحاج، توجت بإعلان التوبة والإفراج عن مائة عنصر منهم شهر مارس .2011 أما على الصعيد الاقتصادي، فبدأ مشروعا لإنشاء ميترو ليبيا، ولإنجاز آلاف السكنات والمراكز السياحية. بحلول عام 2008، غادر سيف الإسلام القذافي ليبيا بعد خلافه مع ''الحرس القديم'' لوالده، لكنه بقي يتابع الأوضاع عن قرب، حيث عاد عقب تفجر الأوضاع الأمنية، وحاول سيف في هذه الفترة الحيلولة دون مزيد من التعفن، فألقى خطابا في بداية الأزمة عن مخاطر الحرب الأهلية في ليبيا، لكنه اختار في النهاية ''رابطة الدم'' على ''حلم الرئاسة'' وانضم إلى معسكر والده ضد من قرّبهم إليه، وأبرزهم مصطفى عبد الجليل الذي استولى على مكانة العقيد القذافي، وعبد الحكيم بلحاج الذي أشرف على سقوط طرابلس. السؤال المطروح الآن: هل تدخل هؤلاء لإنقاذ سيف الإسلام ''ردا للجميل''؟ الناتو ينهي رسميا مهمته العسكرية في ليبيا اتصالات بين سيف الإسلام والمحكمة الجنائية لتسليم نفسه أكد مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، أمس، أن المحكمة تجري ''اتصالات غير رسمية'' مع سيف الإسلام القذافي بشأن إمكانية تسليم نفسه إلى المحكمة التي تلاحقه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقال أوكامبو ''لدينا اتصالات غير رسمية مع سيف عن طريق وسطاء''، مضيفا أن ''مكتب المدعي العام أبلغه بشكل واضح بأنه إذا ما سلم نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية، سيكون لديه الحق بتقديم إفادته أمام المحكمة وسيكون بريئا حتى ثبوت العكس''. وقالت المحكمة إنها علمت، عبر قنوات غير رسمية، بأن ''مجموعة من المرتزقة عرضوا نقل سيف الإسلام إلى بلد عضو في الاتحاد الإفريقي غير موقع على معاهدة روما''. وتأتي هذه التطورات المفاجئة وسط غموض حول مكان تواجد نجل القذافي ومدير مخابرات والده السنوسي، حيث تشير أنباء غير مؤكدة عن دخوله تراب النيجر. هذه الأخيرة التي تلقت طلبا من محكمة الجنايات الدولية بالتعاون لتسليم سيف والسنوسي. وأعلن حلف الناتو أمس الجمعة رسميا إنهاء مهمته في ليبيا مع نهاية أكتوبر الجاري، ومن شأن هذا القرار أن يفسح المجال لاستكمال رفع الحظر الجوي المنزوع جزئيا على ليبيا، مما ييسر أيضا حركة الطيران الجوي. وهنا يمكن الإشارة إلى طلب سيف الإسلام توفير طائرة قبل تسليم نفسه. من جهة أخرى، قال خبير الأسلحة الكيمائية العميد سعد القماطي، بأن ليبيا مازالت تمتلك طنا من غاز الخردل السام، التي تم تصنيعها أثناء حكم العقيد المقتول القذافي، ولا تزال مخزّنة في إحدى المناطق الصحراوية، بمنطقة الواغا جنوب الجفرة. وفي تونس، لم تفرج السلطات عن محمودي البغدادي رئيس الوزراء الليبي السابق رغم قرار المحكمة بإخلاء سبيله، على حد قول محاميه مبروك كورشيد أمس. ويحدث هذا في وقت عاد سفير الصين وانغ وانغ شنغ أمس إلى طرابلس الليبية لاستئناف عمله.