بعد فترة من الركود، شهدت أسواق الملابس الشتوية انتعاشا كبيرا، مع موجة البرد التي تجتاح البلاد، حيث استنزفت أغلب المحلات مخزونها من القفازات والقبعات الشتوية، كما ارتفعت أسعارها إلى الضعف. خلافا للسنوات الماضية، حيث كان الجزائريون يعيشون شتاء دافئا، عاكست الثلوج وموجة البرد التي تسود معظم ولايات الوطن كل التوقعات، وأصبحت الإكسسوارات التي كانت مجرد كماليات، على غرار القفازات بأنواعها، من الضروريات التي لا يستغنى عنها وهم يغادرون بيوتهم في الصباح البارد. ففي جولة قادتنا إلى محلات الألبسة بالعاصمة، وقفنا عند الإقبال الكبير الذي تعرفه الألبسة الشتوية، خاصة القفازات والقبعات بأنواعها، وكذا الجوارب والأوشحة. فبسوق علي ملاح بساحة أول ماي بالعاصمة، وقفنا على نفاد 80 زوجا من القفازات في أقل من ساعة، عرضت على طاولة نصبت عند مدخل السوق، ويقول صاحبها: ''في السابق، لم نكن نبيع من القفازات إلا ثلاثة أزواج في اليوم، لكن اختلف الأمر حاليا، فالجميع يسأل عنها، حتى أنني بعت اليوم 80 زوجا منها، ولم يبق منها إلا الألوان غير المرغوب فيها''. وقال محدثنا الذي تعوّد على اقتناء سلعته من سوق ''جامع ليهود'' بساحة الشهداء، إن السلعة نفدت هناك، ولم يتمكن بائعو الجملة من التنقل إلى شرق البلاد للتمون بها، بسبب الطرق المقطوعة جراء الثلوج. ارتفاع جنوني للأسعار ولم يختلف الأمر كثيرا بسوق ''ميسونيي''، حيث التفتت مجموعة من النسوة حول طاولة لبيع القفازات والقبعات والأوشحة، ورحن يؤكدن أن ثمنها ارتفع كثيرا بالمقارنة مع السنة الماضية، حيث كان سعر القفازات لا يتجاوز 100 دينار، غير أنه وصل إلى حدود 250 دينار للقفازات الصوفية، دون الحديث عن الجلدية منها. ونحن نسأل عن أثمانها، بادرتنا سيدة بالحديث مؤكدة أن الأسعار مبالغ فيها، قائلة: ''أنصحك بالتوجه إلى السوق المقابل لمستشفى مصطفى باشا، سعرها هناك لا يتجاوز 200 دينار''، فيما قاطعتها مرافقتها قائلة: ''أفضل التوجه إلى سوق باش جراح الشعبي، هناك يجد (الزاوالي) حاجته''. أما البائع، فأشار إلى نفاد مخزونه، مضيفا: ''كنا نجلب سلعتنا من سوق العلمةبسطيف، غير أن الظروف المناخية الصعبة التي تمر بها البلاد، وكذا صعوبة الوصول إلى سطيف، منعنا من التنقل، فيما يقترب مخزوننا من النفاد مع الطلب المتزايد عليها''. محلات بلا مخزون غيرنا وجهتنا إلى ساحة أودان، وتوقفنا عند محل معروف ببيع الألبسة الشتوية الأجنبية من ماركات معروفة، ومنها القبعات والقفازات. لكن على غير العادة، لم تكن بينها القفازات الجلدية. سألنا صاحب المحل، فأكد أنه تعوّد على اقتناء مخزونه من ''كارفور فرنسا'' بكمية تكفي لسنتين، لكن مع موجة البرد الأخيرة نفدت جميعها. يقول محدثنا: ''الكمية التي تعوّدت على اقتنائها كانت كافية لموسمين، لكن موجة البرد التي تعرفها البلاد خالفت كل التوقعات، فبعت كل الكمية الباقية من السنة الماضية، فيما لا يزال الزبائن يسألون عنها يوميا''. القبعات موضة للمحجبات أيضا أما موضة القبعات فعادت بقوة هذا الموسم، وحتى للمحجبات. فبنفس المحل، وصل ثمن القبعات إلى 1400 دينار، وتهافتت عليها الفتيات، حتى المحجبات منهن، وهو ما وقفنا عليه أيضا بمحل بحي القبة حيث التقينا لمياء التي تقول: ''تعوّدت على ارتداء القبعات قبل تحجبي في الصيف الماضي، ولم أفكر في أنني سأعود إليها، لكن مع برودة الطقس، وكذا معاناتي من الحساسية المفرطة للبرد، كان لا بد من ارتدائها، وأمام الموديلات الجميلة التي يعرضها المحل، أضفت إكسسوارا جميلا لحجابي، حتى وإن كان ثمنها مرتفع بعض الشيء''. وبنفس المحل الذي عرض تخفيضات على سعر القفازات والقبعات، رغم أن ثمنها لم يقل عن 2500 دينار، التف الزبائن على زاوية وضعت فيها قفازات كتب أمامها ''تخفيض بنسبة 20 بالمائة''، وراح الزبائن يتدافعون لاختيار الألوان، خاصة الأسود منها، حتى كاد شجار ينشب بين سيدتين اخترن نفس القفاز، قبل أن يتدخل صاحب المحل لإنهاء المشكلة، وسط سخرية باقي الزبائن. استوقفنا صاحب المحل لنسأله عن الأمر، فأكد لنا أن الأمر يتكرّر يوميا منذ أن عرض المحل تخفيضات على الملابس الشتوية، وزاد الإقبال مع موجة البرد، مضيفا أنه يعرض سلعة أجنبية بأسعار معقولة، غير أنه اعترف، بالمقابل، بأن مخزونه الذي يعود لسنوات، نجح في التخلص منه في ظرف أيام.