يعرف القريبون، هذه الأيام، من قواعد الأحزاب التي كانت تسمي نفسها كبيرة، أو التي اعترفت بصغرها، أن تنافسا محموما يجري داخليا لإقحام نساء في قوائم هذه التشكيلات، غير أن زيف ''ترقية المرأة إداريا بدل مشروع مجتمع'' جعل الجميع سواء من ''المتعلمنين'' أو ''المتأسلمين'' و''محتكري الوطنية'' يستفيقون على واقع يؤكد أن خزان هذه الأحزاب يكاد يخلو من نساء يفرقن في أحسن الأحوال بين التشريعيات والمحليات. وإذا كان الصراع هذه الأيام في الكثير من الولايات خاصة الداخلية منها يجري بين الغريمين الأفالان والأرندي، على ما تبقى من أرشيف الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، الذي انتهت صلاحية بعض ما تبقى من نسائه، سياسيا، فإن الأحزاب الإسلامية ستجد هي الأخرى نفسها في وضعية ''ندرة نساء'' لتغطية كل الدوائر الانتخابية، ولو أن حزبا مثل حمس استثمر بطريقته الخاصة وكوّن ''نواة صلبة من النساء غالبيتهن بالمدن الكبيرة''. ويبدو أن النظام أدخل نفسه وأحزابه المرئية وغير المرئية في ورطة، بعد أن أراد تقديم نفسه للغرب في ثوب عصراني وحداثي، لكن بطريقة سيكشف البرلمان القادم زيفها. أما الأحزاب التي يتقزز الكثير من الجزائريين من عودتها في مثل هذه المناسبات، فالكثير منها مجبر على استنساخ امرأة واحدة في أكثر من دائرة انتخابية، أو شراء ملفات مرشحات لا يهم مستواهن مثلما بدأت الأصداء تنقل ذلك خاصة بالولايات المسماة محافظة. ولا يفهم الكثير من الجزائريين، سواء الراغبين في المشاركة في الانتخابات أو المقاطعين لها، دعوة مسؤولين سياسيين، كأويحيى وبلخادم وأبوجرة ولويزة حنون، النساء الجزائريات من أجل المشاركة بقوة في تشريعيات الربيع القادم، فهل يعرف هؤلاء أن آخر مواطن بسيط سيجيب رؤساء هذه الأحزاب عندما يسمع دعواتهم، بأنه يرفض مسعاهم السياسي وموقفهم من المرأة، لكون الجزائريين لحد الساعة لم يشاهدوا في حياتهم رئيس حزب يقحم بناته وزوجته أو زوجاته في العمل السياسي. بالمقابل، يسعى هؤلاء لإقحام ''بنات الناس''، مثلما يقال شعبيا، في المعركة الانتخابية. وينسحب الأمر على محتكري الديمقراطية والعلمانية، فلا أعتقد أن جزائريا شاهد بنات وزوجات هؤلاء ''في المعارك الديمقراطية لتحرير المرأة''. ولا نكتشف الماء إذا قلنا إن طاقة كبيرة من الجزائريات ذوات المستوى العالي في مختلف التخصصات ومن العاملات والموظفات البسيطات يرفضن أن يكن واجهة لطبقة سياسية تنتج الوعود الجوفاء بدل تأطير المجتمع وزرع دماء جديدة قادرة على تجاوز مأساة ما بعد الإرهاب.. الأكيد أن نخبة هذا الشعب المتنورة تعرف أنها أمام أشكال سياسية عصرية كأحزاب وتنظيمات، أما سلوكاتها وذهنياتها فتنتمي للقبيلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وروح. [email protected]