اعتنق الإسلام واختار اسم ''الصادق'' وحصل على الجنسية الجزائرية خصصت الشركة الجزائرية لطب العمل عددا كاملا من مجلتها للدكتور الصادق ماسبوف، وأقامت يوما جهويا حول التكوين الطبي المستمر في قسنطينة، تكريما لروح هذا الطبيب الفرنسي الذي وقف إلى جانب الشعب الجزائري في كفاحه من أجل التحرّر، وبقي في الجزائر بعد الاستقلال مناضلا من أجل بناء منظومة صحية، تستجيب لمتطلبات شعب يواجه مختلف أنواع الأمراض ولا يتوفر على إمكانيات علاجها. وذكر الأستاذ عبد المالك نزال، رئيس الشركة الجزائرية لطب العمل، أن ''هذه الوقفة في ذكرى وفاة الدكتور ماسبوف تمثل بالنسبة لنا لحظة تأمل لاستخلاص العبر من مسيرة هذا الرجل، الذي كان له الفضل في تأسيس قسم الطب الاجتماعي وتطوير طب العمل بقسنطينة''. وأضاف: ''إننا مدينون كثيرا للصادق ماسبوف، وسنكون سعداء جدا عندما ننهي مهمتنا المتواضعة، لو أن الأجيال القادمة ربطت أسماءنا باسمه''. واسترجع الكثير من الأساتذة والأطباء، في أشغال اليوم الجهوي للتكوين الطبي المستمر بكلية الطب في قسنطينة، أهم المحطات في حياة الصادق ماسبوف ونضالاته، وتوقفوا عند بعض مذكراته التي نشرت في العدد الخاص من ''مجلة طب العمل''، وهي، حسب الأستاذ عبد المالك نزال ''ليست مذكرات شخص غادر هذا العالم، بل سلسلة من المحاضرات، بعضها يتضمن واقعا مازلنا نعيشه إلى اليوم''. وقد ولد جون ماسبوف في لاروشال بفرنسا سنة 1908 وحلّ بالجزائر مع عائلته سنة 1921 ودرس الطب بكلية الجزائر. اقتنع بعدالة قضية الشعب الجزائري، وخاض النضال من أجلها منذ بداية الأربعينيات، ووضع في السنوات الأولى للثورة التحريرية تحت الإقامة الجبرية في الجنوب الجزائري، وسجن في قصر البخاري وفي البليدة والأصنام، ومثل سنة 1957 أمام المحكمة العسكرية التي أدانته بعشرين سنة من الأشغال الشاقة، وتنقل بين سجون الحراش ومرسيليا وقبرص، قبل أن يطلق سراحه في أفريل .1962 بعد الاستقلال، عاد إلى الجزائر عن طريق فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا رفقة خيرة التي تزوّجها بعد أشهر قليلة، واعتنق الإسلام واختار اسم ''الصادق''، وحصل على الجنسية الجزائرية. عمل قبل الثورة التحريرية طبيبا بمدينة تنس، لكن الجزء الأطول من مساره المهني كان بعد الاستقلال في قسنطينة، حيث كان رئيس الأطباء بصندوق الضمان الاجتماعي، وأشرف على قسم الطب الاجتماعي في الجامعة، وكان له الفضل الكبير في تطوير طب العمل، وله الكثير من الكتابات في هذا المجال، ومثل الجزائر في العديد من الملتقيات الدولية. كان الصادق من الأطباء المشهورين في قسنطينة، بخصالهم الإنسانية ودفاعهم عن الفقراء وحق المواطن في العلاج، ومن الأساتذة الأكفاء الذين أعطوا الكثير لأجيال من الأطباء. الفقيد توفي في 24 أفريل سنة 1985 بقسنطينة، ودفن بمقبرتها الإسلامية.