الجزائر بلد محوري وترغب في أن يكون الحل داخليا بين الماليين أنفسهم أكد الوزير الأول المالي السابق، إبراهيم أبو بكر كايتا، أمس، أن مالي تجتاز في الوقت الحالي أزمة غير مسبوقة باتت تهددها في وحدتها الترابية، مشيرا إلى أن بلاده محل أطماع غربية بسبب الثروات التي تتوفر عليها، وشدد على رفضه لأي تدخل عسكري أجنبي في بلاده، وأبدى دعمه الكامل لمبادرة الجزائر في إيجاد حل سلمي بين الماليين. قال إبراهيم كايتا، في تصريح للصحفيين على هامش مشاركته في مؤتمر تأسيس ''جبهة المواطنة الإفريقية الديمقراطية ضد عودة الاستعمار إلى إفريقيا''، إن ''مالي تواجه أخطر أزمة في تاريخها، حيث هناك انهيار وتنامي تقطيع الأراضي وتقسيمها، على غرار إقليم الشمال الذي يضم غاو وكيدال وتومبوكتو، وهناك عدم يقين سياسي بأن هناك أزمة سياسية وإنسانية خطيرة''. وكشف المسؤول المالي السابق أن ''هذه الأزمة أنتجت آلافا من اللاجئين الذين نزحوا إلى بلدان الجوار ومنها الجزائر، وهذا ما أحدث قلقا لهذه الدول، ونحن في مستوى اليقين والإدراك بحجم الحرج الذي سببناه لدول الجوار خلال هذه الأزمة''. وأبدى الوزير الأول المالي السابق تقديرا كبيرا لمواقف الجزائر إزاء الأزمة في مالي وفي منطقة الساحل وقال: ''بدأنا نقتنع بأن كل الخطوات والأفكار والمواقف والآراء التي تبنتها الجزائر كانت صادقة وإيجابية وصحيحة ومؤسسة على معطيات الواقع''، وأضاف ''الجزائر ترغب في أن يكون هناك حل مالي داخلي بين الماليين أنفسهم، والجزائر تدرك أكثر من غيرها أنه لا يمكن أن يكون هناك حل من غير التفاهم بين الماليين أنفسهم، وأنه لا أحد يمكنه أن يحل مشكلة الماليين غير الماليين''. وفسّر كايتا أسباب الأزمة في مالي بجوانب سياسية خارجية لكون ''مالي بلد فيه ثروات كبيرة وطاقات هائلة ونفهم هذا التكالب الغربي علينا، وما يحدث في مالي وجه من أوجه معالم بدأت تظهر لأشكال جديدة للاستعمار في إفريقيا وفي العديد من المناطق، من حيث خلق قلاقل ثم التدخل''، لكنه أشار إلى أسباب داخلية تتعلق بأن ''ما يحدث في مالي يعود إلى أن النظام غير شعبي، وإنما مفروض علينا من قوى غربية، علينا أن نتساءل عن نوعية وجذور الأنظمة التي تحكم في مالي، وعلينا بناء ديمقراطية جديدة على أسس العدالة الاجتماعية والتكافؤ''. وشدد المسؤول المالي السابق رفضه المطلق لأي تدخل خارجي أو حلول مفروضة من الخارج على مالي وقال: ''لن نقبل بأي حل خارجي مفروض علينا من أي جهة كانت وتحت أي عنوان كان، الحل العسكري غير مطروح بالنسبة إلينا ومرفوض جملة وتفصيلا، ولم يعد ممكنا للدول الغربية أن تأتي بجيوشها إلى دولنا''. وعلّق على المهلة التي منحتها مجموعة اتحاد دول غرب إفريقيا ''الإيكواس'' لتشكيل حكومة وحدة وطنية في مالي قبل 31 جويلية الجاري قبل اتخاذ قرارات في حق مالي قائلا: ''لم اطلع على هذا القرار، ولكن مهما كانت قرارات دول مجموعة غرب إفريقيا، فعليها أن تحترم سيادة مالي، وأن تدعم البحث عن حل سلمي دون مضاعفات أمنية أو عسكرية تزيد من تعقيد الوضع الإنساني في المنطقة''. وشدد الوزير الأول المالي السابق إبراهيم كايتا على محورية الدور الجزائري في مرافقة مالي خلال هذه الفترة الحرجة وقال: ''الجزائر بلد محوري وذو ثقل في المنطقة، ونحن نأمل دائما في مساعدة الجزائر، ونطمح إلى تعاون وثيق مستقبلا مع الجزائر وبناء شراكة سياسية واقتصادية''. ووصف احتفال الجزائر بخمسينية الاستقلال بأنها ''المناسبة يمكن أن تعطي فرصة واضحة لدول القارة الإفريقية على نموذج دولة أعادت بناء نفسها بنفسها وبإمكاناتها الذاتية، ويعطي نظرة حاسمة للمستقبل في إفريقيا''.