افتتحت الدورة الجنائية لمجلس قضاء مستغانم، أول أمس، بقضية من العيار الثقيل مثل فيها 19 متهما من ولايات تلمسان وسيدي بلعباس ووهرانومستغانم، بتهمة ارتكاب جناية تكوين جمعية أشرار والمتاجرة في المواد المتفجرة وجناية المتاجرة في السلاح الحربي وجناية تهريب السلاح. جلسة المحاكمة كانت ماراطونية، حيث بدأت من 9 صباحا واستمرت إلى غاية 10 ليلا بحضور جميع المتهمين وثمانية شهود، فيما سجل غياب سبعة، بالإضافة إلى 23 محاميا للدفاع عن المتهمين أثاروا منذ الوهلة الأولى ما يعرف في كواليس المحاكم بالدفع الأولي الذي فتح باب النقاش القانوني وأخذ قرابة ساعة من الجدل. وانطلقت المحاكمة بالاستماع إلى كل من نور الدين من مدينة آرزيو يملك محلا لبيع، كواجهة، الخضر والفواكه، في حين هو تاجر ماهر ومحترف منذ 2006 في بيع المتفجرات، جمال الغزواتي، من مدينة الرمشي ولاية تلمسان مسبوق قضائيا في قضايا لها علاقة بصيد السمك بالمتفجرات يتاجر حاليا في جمع الألغام المضادة للأفراد التي تحتوي على مادة ''تي.أن.تي'' عبر الشريط الحدودي مع المملكة المغربية لإعادة بيعها لنور الدين ب1000 دينار للغم الواحد، الذي يعيد بيعها ب1400 دينار لصيادي السمك. أما بالنسبة إلى الزواوي من سيدي بلعباس، فإنه كان يمول نور الدين بمادة ''تي.أن.تي''، ثمن الكيلوغرام الواحد، يعاد بيعه للصيادين بمبلغ مليون سنتيم. وحسب ملف القضية، فإن مصدر المتفجرات لم يكن سوى محاجر ولاية وهران التي كانت تسرق منها بتواطؤ من بعض العمال، فيما كان المتهمون يجلبون الفتيل وصنابير الانفجار من طرف أشخاص من المغرب. وبهذه المواد المحظورة والخطيرة والممنوع تداولها، كان المتهم نور الذين يزوّد زبائنه من صيادي ولايات مستغانم، وهران وعين تموشنت وتلمسان، منذ 2006 بغرض استعمالها لصيد الأسماك بواسطة المتفجرات. وخلال الاستماع لأقواله من طرف هيئة المحكمة، شرح المتهم نور الدين مراحل نشاطه التجاري بالمتفجرات والألغام ومصدر تموينه، ودور شريكيه وهما كل من ''ل.الزواوي'' وحسين الغزواتي، وذكر زبائنه واحدا واحدا بالاسم وكذا كميات المتفجرات خلال شهر رمضان من سنة 2011 من رياس وقادة مراكب صيد من مستغانم وأرزيو وبطيوة. كما لم ينكر المتهمون الآخرون التهم المنسوبة إليهم، باستثناء أربعة الذين حاولوا التراجع عن تصريحاتهم السابقة أمام الضبطية القضائية. بعد ذلك جاءت مرافعة النيابة العامة، والتي دامت حوالي الساعة، أكدت خلالها الوقائع المادية والتهم التي عززتها محجوزات متمثلة في متفجرات وفتيل من الثقيل والعثور بمنزل أحد المتهمين الرئيسيين على 52 لغم مضاد للأفراد وكمية من الصواعق، والتمس في حق كل من التاجر ''د.نور الدين'' في المتفجرات والألغام المضادة للإفراد وشريكه حسين الغزواتي، حكما بالمؤبد وبغرامة مالية نافذة قدرها مليون سنتيم والحكم بالسجن النافذ لمدة 20 سنة في حق أربعة متهمين وبدفع كل واحد غرامة مالية تقدر ب500 ألف دج والسجن النافذ ب 5 سنوات ل9 متهمين مع كل واحد غرامة نافذة تقدّر ب500 ألف دج ومصادرة محجوزات 3 متهمين . بالمقابل، تميزت مرافعات الدفاع في حق موكليهم بالمطالبة بتكييف التهم المنسوبة إليهم، منها تكوين جمعية أشرار والمتاجرة في السلاح الحربي وطلب تخفيف العقوبات. لكن وبعد المداولات، نطقت هيئة المحكمة بإدانة المتهمين الرئيسيين ''د. نور الدين'' وجمال الغزواتي ب12 سنة سجنا نافذا وغرامة مالية تقدر بخمسين مليون سنتيم، وإدانة كل من ''ل. الزواوي'' وثلاثة آخرين ب10 سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية تقدّر بخمسين مليون، كما أدين أحد المتهمين بسنة حبسا نافذ وتغريمه بعشرين مليون، وثمانية متهمين ب8 أشهر حبسا نافذا واستفاد 4 من البراءة. ويذكر أن حيثيات القضية تعود إلى مطلع شهر جانفي 2012 إثر استغلال معلومات وردت إلى مصالح الدرك الوطني بعين تادلس، مفادها وجود أشخاص يتاجرون في المتفجرات بطريقة غير شرعية موجهة للاستعمال في صيد الأسماك.