لقد أوجب الشّرع المطهَّر حفظَ العورات وسترها عمّن لا يحلّ النّظر إليه، قال الله تعالى: ''يا بني آدم خُذوا زينَتكم عند كلّ مسجدٍ، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين''، وحرّم كشف العورات أمام مَن لا يحلّ النّظر إليها، واعتبر ذلك فتنة، قال سبحانه: ''يا بني آدم لا يفتِننَّكم الشّيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة ينزع عنهما لباسهما ليٌريَهما سوءاتهما}. وللحجاب الشّرعي شروط، منها: أن يستر جميع البدن، إلاّ أنّه اختلف في الوجه والكفين، فذهب طائفة إلى أنّه يجب على المرأة أن تستر وجهها وكفّيها، وذهب طائفة أخرى من العلماء إلى أنّه يجوز كشف الوجه والكفّين، وأن سترهما مستحبّ وليس بواجب لجملة من الأدلة، وهذا هو الأسلم وهو الّذي عليه الجمهور. أن لا يكون زينة في نفسه يُلفت أنظار الرِّجال إلى لابسته لبهائه وجماله. ولا يُفهم من هذا أنّه لا يجوز للمرأة أن تلبس غير الأسود، فقد جرى العمل من النساء الصّحابيات على لبس غير الأسود كالأخضر والأصفر والمعصفر. أن يكون الثوب صفيقًا لا يشفّ عمّا تحتهن ودليله قوله صلّ الله عليه وسلّم في الصنفين اللّذين ذكرهما من أهل النّار: ''ونساء كاسيات عارياتّ'' وهنّ النّساء اللّواتي يلبسن من الثّياب الشّيء الخفيف الّذي يَصِف ولا يستر فهنّ كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة. أن يكون فضفاضًا لا يصف شيئًا من جسمها. فعن أسامة بن زيد، قال ''كساني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبطية كثيفة كانت ممّا أهداها دحية الكلبي فكسوتها امرأتي''. فقال لي رسول الله: ''ما لك لم تلبس القُبطية؟ قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ''مُرْها فلتجعل تحتها علالة، إنّي أخاف أن تصف حجم عظامها وأن لا يشبه لباس الرجال''. وأمّا فضل الحجاب، فقد أوجب الله على نساء المؤمنين الحجاب السّاتر لأبدانهنّ وزينتهنّ أمام الرجال الأجانب عنهنّ، وعليه فإنّ هتكَه يُعدّ من الكبائر المهلكات، ويجرّ إلى الوقوع في كبائر أخرى. فعلى نساء المؤمنين الاستجابة إلى الالتزام بما افترضه الله عليهنّ من الحجاب والسِّتر والعِفّة والحياء طاعةً لله وطاعة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، قال سبحانه: ''وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قَضَى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومَن يعصِ اللهَ ورسولَه فقد ضَلَّ ضلالاً مبينًا''. وإنّ من وراء افتراض الحجاب حِكَمًا وأسرارًا عظيمة وفضائل وغايات ومصالح كبيرة، منها: حفظ العِرض وطهارة القلوب، وتوفير العِفّة والحياء ومكارم الأخلاق، وكذا قطع الأطماع والخواطر الشيطانية من مرضى القلوب وحصانة المجتمع من الفاحشة والزنا والإباحية. وتحقيق التّقوى بلباس الحجاب الشّرعي مصداقًا لقوله تعالى: ''يا بني آدم قد نزّلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا ولباس التّقوى ذلك خير''. والله الموفّق.