أبو عبد السلام: بناء القبور منهي عنه ويجوز فقط في المنحدرات لكن بشروط تدرس وزارة الداخلية والجماعة المحلية مشروعا لإعادة تنظيم المقابر والقضاء على الفوضى التي أفضت إلى صعوبة دفن الجزائريين لموتاهم في المدن الكبرى، لاسيما في العاصمة، ومن بين الإجراءات التنظيمية التي تعتزم الجماعات المحلية اتخاذها منع ''بناء القبور''، إثر ثبوت تسبّبها بشكل كبير في أزمة الاكتظاظ الحادة التي تشهدها المقابر. أفاد مصدر عليم ل''الخبر'' أن وزارة الداخلية تدرس مشروعا يهدف إلى تنظيم المقابر وخلق آليات جديدة لإعادة تسييرها، من أجل القضاء على الفوضى التي أضحت تطبع المقابر من خلال الدفن العشوائي، واستغلال مساحات إضافية لتشييد القبور بالأجر والبلاط الفاخر وإحاطتها بسياج، وهي عادة استفحلت في السنوات الأخيرة بالمقابر الجزائرية، ولم تعد تقصر على الأغنياء فقط، بل أيضا لذوي الدخل المحدود. وقد أدت هذه ''العادة'' إلى خلق اكتظاظ شديد على مستوى المقابر، ما صعب من مهمة دفن المواطنين لموتاهم، وفتح الباب واسعا أمام ظهور ''بزناسية'' يتاجرون في القبور على مستوى البلديات، بالخصوص منها التي تعرف ''أزمة دفن''، مثلما هو الحال في العاصمة. وكشفت مصادر ل''الخبر'' أن هذه الظاهرة تعرفها بالدرجة الأولى كبريات البلديات، حيث يصل المبلغ المتطلب للحصول على مساحة لدفن ميت، ب''المعريفة''، إلى ما يقارب مليون سنتيم، ما دفع السكان إلى الاستنجاد بمقابر تقع في بلديات أخرى، في ظل الصعوبات البيروقراطية التي تتطلبها عملية الحصول على ترخيص. كما يهدف مشروع تنظيم المقابر، الذي تشرف عليه المجالس المحلية البلدية، بالدرجة الأولى، إلى البحث عن وعاءات عقارية لإنشاء مقابر جديدة، في ظل عزوف مواطنين عن التبرع بقطع أرضية، عكس ما كان يحدث سابقا، حيث يقتطع مواطنون ''جزءا'' من أراضيهم، وإن كانت صالحة للفلاحة، كحال مقبرة العالية التي تعد الأكبر مساحة في الجزائر، حيث وهبتها امرأة صدقة لدفن الموتى، وغيرها من المقابر في الجزائر. وفي غضون ذلك، أوضح المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية والأوقاف، عدة فلاحي، أن ''أزمة اكتظاظ المقابر'' عبر مدن كبرى ملف مطروح على مستوى القطاع، من خلال تنظيم ''حملات تحسيسية'' عبر مساجد الوطن، عن طريق خطب الجمعة والمناسبات الدينية والوطنية، تنطلق، خلال الأيام القليلة المقبلة، بالتنسيق مع الجماعات المحلية. وأشار فلاحي، في اتصال ب''الخبر''، إلى أن مبادرة وزارة الشؤون الدينية غايتها إحياء '' ثقافة دفن الموتى'' لدى الجزائريين، من خلال ترسيخ ''أفكار'' جديدة يشرف عليها الأئمة، تقضي بتذكير المواطنين ب''الطرق الصحيحة'' في دفن موتاهم، والابتعاد عن استغلال مساحات إضافية لبناء القبور، لأنّها طريقة مخالفة للشريعة. كما تخص ''حملات'' وزارة الشؤون الدينية ''استهداف'' رؤساء البلديات الذين يعتبرون تنظيم المقابر من المسائل الثانوية في الانشغالات التي يتكفلون بها، ما نتج عنه فوضى واكتظاظ، فضلا عن البحث عن السبل والطرق التي ''تحيي'' في نفوس الجزائريين ''عادة'' التبرع بقطع أرضية من ممتلكاتهم الخاصة، لتخصيصها في تشييد مقابر، بعدما ''اندثرت'' في السنوات الأخيرة. من جانبه، قال الشيخ أبو عبد السلام، إن بناء القبور ''عادة سيئة'' تخالف تماما الشريعة الإسلامية. ودعا المتحدث، في تصريح ل''الخبر''، الجزائريين إلى التخلي عن هذه العادة التي ينجر عنها ''إثم'' آخر، يتمثل في التبذير من خلال صرف أموال عن بناء قبور بالأجر والبلاط الفاخر. كما أشار الشيخ إلى أن الحالة الوحيدة الجائز فيها بناء القبور، هي حال وقعت في المنحدرات، خوفا من انزلاق التربة شريطة ألا يتعدى طول ''البناء'' شبرا.