كثيرا ما كانت محلات صنع المفاتيح متورّطة في سرقة السيارات والمنازل، حيث يعتمد اللصوص على خبرة محترفي هذه المهنة في صناعة وتقليد المفاتيح دون ترخيص قانوني، وفي مدة قد لا تتعدى 20 دقيقة.. ويفضّل اللصوص، في غالب الأحيان، اللجوء إلى ورشات، غالبا، ما تكون مخبّأة وراء محطات غسل السيارات، أو لدى محلات صناعة المفاتيح السريعة. ارتفاع سعر الحديد وتأجير المحلات يرهنان نشاط صانعي المفاتيح مهنة غير مربحة في طريق الزوال يعترف صانعو المفاتيح بأن مهنتهم أصبحت في طريقها إلى الزوال، بسبب المشاكل المعقّدة التي تواجههم، بداية من ارتفاع سعر تأجير المحلات، وعجزهم عن اقتناء المادة الأولية، مقابل المداخيل الضعيفة التي لا تؤمّن لعائلاتهم حتى القوت اليومي، و''ضريبة'' ذلك تكون قاسية بالنسبة للكثيرين، حيث ينتهي بهم الإهمال، أو حتى التحايل، داخل السجن، بتهمة تقليد مفاتيح واستعمالها في السرقة. كشف رئيس فيدرالية الحرفيين والصناعات التقليدية، رضا يايفي، عن مشروع لرسكلة صانعي المفاتيح، حيث يتمّ التنسيق، حاليا، مع مؤسسات اقتصادية وشركات كبرى للتكفّل بتكوين هؤلاء المهنيين، ومساعدتهم على توسيع نشاطهم، ما داموا غير قادرين على فتح محلات تجارية أو ورشات، نظرا لارتفاع أسعار الإيجار. ويعمل صانعو المفاتيح اليوم في ظروف جدّ صعبة، ما يفسّر تراجع عددهم على المستوى الوطني، فهذا النشاط لا يدرّ مداخيل كبيرة على أصحابه، ولا يؤمّن لهم المال الكثير، فسعر صنع نسخة عن المفتاح لا يتجاوز بالنسبة للحجم الصغير، والمطلوب كثيرا، 50 دينارا، كما إن أصحاب المحلات الصغيرة، الذين لم يستغلوا بعدُ التكنولوجيات الحديثة في هذا المجال، يقبعون فيها طيلة النهار للظفر بزبون أو اثنين، أغلبيتهم ممن أضاعوا مفاتيح أبواب شققهم أو سياراتهم. وبالنسبة للمحظوظين، يضيف محدّثنا، فإن مفتاح الشريحة هو الحل ومصدر الربح الوفير، فمعظم أصحاب السيارات يتهافتون على هذا النوع من المفاتيح، لأنه من الصعب جدا تقليدها، ويصل سعر صنع المفتاح الواحد، بحسب نوع السيارة، إلى أكثر من 1200 دينار، ما يترجم الخدمة الكبيرة التي تمنحها لمستعمليها، خاصة بالنسبة للمركبات الفاخرة. وعكس ما هو معمول به في الدول الأخرى، يؤكّد رضا يايفي بأن جميع صانعي المفاتيح المنخرطين في فيدرالية الحرفيين غير متعاقدين مع مصالح الشرطة، ولهذا السبب، بالذات، فإنه لا يتم الاستعانة بهم في التحقيقات الأمنية. وعكس ما يروّج له في الأفلام، فإنه من المستحيل التحايل على صانع المفاتيح، ومطالبته بصنع نسخة، انطلاقا من آثار موجودة على العجينة. وفي حال إصرار الزبون على هذه الخدمة، لابد أن يقدّم نسخة من بطاقة التعريف الوطنية، بالنسبة لمفاتيح الشقق، زائد نسخة عن البطاقة الرمادية في حال تعلّق الأمر بمفاتيح السيارات. وفي الوقت الذي يحترم فيه الصانعون القانون والإجراءات التي تتعلّق، أساسا، بتأمين صنع مفاتيح طبق أصل لمفتاح أي مركبة، يجهل آخرون المخاطر التي تهدّدهم، حيث يُتابَعون بالمحاكم في قضايا تتعلّق بعصابات تهريب وسرقة السيارات والمركبات، ويدفع بعضهم ''الثمن'' غاليا في السجن، بسبب جهله للقانون ومحاولة أفراد العصابة توريطه في القضية، بتهمة ''تقليد'' المفاتيح واستعمالها في السرقة. وفي حديثه عن المشاكل المهنية لهؤلاء الحرفيين، أشار رئيس الفيدرالية إلى التجاوزات المسجّلة في توزيع مشروع المائة محل الذي أقرّه رئيس الجمهورية، فبعد أن ظلّت مغلقة لسنوات طويلة، لأسباب مجهولة وغير مقنعة، تقرّر اليوم يضيف، توزيعها لفائدة أصحاب مشاريع وكالة دعم تشغيل الشباب، في وقت يعاني آلاف الحرفيين، من مختلف النشاطات مشاكل معقدة، بسبب عجزهم عن تأجير محلات أو ورشات، في ظلّ الارتفاع الرهيب لسعر المادة الأولوية، سيما الحديد، الذي يعرف بدوره عجزا كبيرا في التموين. بورتريه هشام يقترح إشراك مصالح الأمن لتنظيم المهنة ''نسخة مفتاح قد تضعك في قائمة المتّهمين'' يطرح هشام شريخي، ناسخ المفاتيح على الفور على مستوى مقاطعة الشرافة بغرب العاصمة، عدم تمتّعهم بأي حصانة اتجاه المتابعات القضائية، بعد إقدامهم على نسخ مفاتيح لشقق ومحلات تجارية لفائدة أو سيارات أشخاص، تبيّن بعدها أنهم ليسو مالكيها فيخضع ناسخ المفاتيح، يقول هشام، للتحقيق والمثول أمام القضاء، داعيا وزارة التجارة أو وزارة الداخلية والجماعات المحلية سنّ قانون لحماية أصحاب هذه المهنة. ويروي هشام شريخي، صاحب 15 عاما من المهنة في مجال نسخ المفاتيح، تفاصيل قيام فتاتين بنسخ طاقم من المفاتيح تمّ استغلالها في سرقة بيت أحد الأقارب، وتمّت عملية السطو على مجوهرات تفوق قيمتها 200 مليون سنتيم، وقد ''تمّ استدعائي للمثول أمام قاضي التحقيق بمحكمة عبان رمضان''. كما يروي نفس المتحدّث ما حدث مع أحد المواطنين، حيث رافقه لمعالجة باب شقته، وفوجئ العامل بحضور امرأة وشقيقها في ذات اللحظة، وبرفقتهم رجل شرطة، وتبيّن، لاحقا، وجود أزمة ومشاكل عائلية بين الزوج وزوجته، فقرّر الأول اقتحام الشقة ونقل أثاثها إلى منزل آخر.. فواجه هشام، كما يقول، موقفا في غاية الحرج، إذ تبيّن وجود دعوى طلاق بين الرجل وزوجته أمام محكمة بئر مراد رايس. وذكر المتحدّث بأن صانعي المفاتيح معرّضون لشتى أنواع الحيل، من قِبل أشخاص يستغلون المفاتيح للسرقة والسطو، ويروي هشام حادثة شاب يعمل بمستودع لغسل السيارات، طلب منه نسخ مفاتيح سيارة من نوع ''فيات''، و''عندما طلبت منه إظهار رخصة السياقة والبطاقة الرمادية خرج مسرعا من المحل ولم يعد''. من جهة أخرى، لم يخف هشام أفضال هذه المهنة على صاحبها، ليس فقط من جانب منطق الربح والخسارة، ولكن من جانب تقديم الخدمات لأشخاص في وضعية صعب، كفقدان مفاتيح شقة سيدة وصلت إلى بيتها في ساعة متأخّرة من الليل، وفي غياب زوجها تلجأ إلى الاتصال بأقرب محل لنسخ المفاتيح، لينتقل معها ويفتح باب شقتها، ويكون الردّ من طرفها بعبارة لا تقدّر بثمن ''ربي يفتحها عليك كيما فتحتها عليّ''، أو وجود أشخاص عالقين داخل منزل يطلبون النجدة منك، فتأتي مسرعا وتنقذهم من خطر يتهدّدهم. واقترح هشام أن تتوفّر شروط معينة لممارسة هذا النوع من المهن، بأن يكون ناسخ المفاتيح صادقا وأمينا، فهو يدخل بيوت الناس، ولا يتصف بصفة الانتهازيين، بحيث لا يستغل مأساة الآخرين لتحقيق الربح السريع. ويقترح هشام على وزارة الداخلية والجماعات المحلية فتح سجل، بعلم مصالح الأمن، يتضمن رقما تسلسليا بعدد المفاتيح التي تمّ نسخها بكل محل مخصّص لذلك، موضّحا فيه تاريخ صناعة المفتاح واسم من صنعه، من خلال تقديم بطاقة التعريف الوطنية أو وثائق إقامته، أو ما يثبت هويته وعنوانه، مع إيضاح السبب في طلب صنع المفتاح، وما إذا كان المفتاح لمحل أو منزل أو غرفة أو مكتب أو خزانة أو سيارة، وذلك لتفادي حالات السطو والسرقة نكون من ضحاياها. شاهد من أهلها رئيس الفيدرالية الوطنية للحرفيين والصناعات التقليدية يصرّح ''المتابعات القضائية تلاحق صانعي المفاتيح'' أكّد رئيس الفيدرالية الوطنية للحرفيين والصناعات التقليدية، التابعة لاتحاد التجار، رضا يايفي، أن صانعي المفاتيح يواجهون مشاكل بالجملة كانت وراء هجرة الكثير منهم للمهنة، لأنهم أصبحوا محل متابعة من قبل قوات الأمن عند سرقة السيارات، بحجة إشرافهم على عملية استنساخ مفاتيحها. في البداية لاحظنا وجود عدد محدود لصانعي المفاتيح، ما هو السبب في رأيكم؟ فعلا، لأن الكثير منهم هجروا لأسباب عديدة. فالمستأجرون للمحلات لم يعد بوسعهم تغطية المصاريف مقابل الأرباح التي يجنونها من هذه الصناعة، خاصة مع التزاماتهم الأخرى بدفع فاتورة الكهرباء والضرائب، وفوق كل هذا ينبغي عليهم أن يكون متفطّنا وملمّا بكل التفاصيل في تعاملاته مع زبائنه، حتى لا يقع ضحية متابعة قضائية، مع العلم أن أغلب مهنيي هذه الحرفة من كبار السن. ماذا تقصد بالمتابعة القضائية؟ المشكل يتعلّق، على وجه الخصوص، بصناعة مفاتيح السيارات، فاستنساخ مفاتيح أخرى يُلزم صاحب الحرفة بالحصول على نسخة من بطاقة تعريف المعني ونسخة أخرى من البطاقة الرمادية، وأحيانا عند تعرّض السيارات إلى السرقة يكون هو أول المتابعين، حيث يُجبر على تقديم هذه النسخ التي كثيرا ما يغفل عن حفظها، بسبب كثرتها أو من باب ثقته بالزبون، حيث لا يطلب نسخ هذه الوثائق. وبحكم محدودية مستواهم الدراسي قد يدفع ثمن جنحة لم يرتكبها، فيجد نفسه متورّطا في قضايا تحكم على المتورّطين فيها بالسجن. وهنا ينبغي التأكيد أن الأوضاع الاجتماعية لهذه الفئة تجعلهم، في كثير من الأحيان، لا يتذكّرون زبائنهم، خاصة عندما تحدث السرقات بعد مدة طويلة من نسخ المفاتيح. تحدّثت عن مشكل توسيع النشاط.. لماذا لا يطلب الحرفيون قروضا عبر آليات التشغيل المختلفة؟ الغريب أن هذه الفئة لا يسمح لها بالاستفادة من مختلف آليات التشغيل باستثناء القرض المصغّر، وهذا الأخير يتوقّف سقف الغلاف المالي المسموح باقتراضه عند 10 ملايين سنتيم، وهو مبلغ ضئيل بالنظر إلى الوسائل المستعملة في الحرفة، وباقي المصاريف الأخرى. كما إن الدولة منحت الأولوية في استغلال المحلات للمستفيدين من قروض الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب، في حين تم تهميش الحرفيين، وبهذا يتمّ القضاء، تدريجيا، على كل حرفة تُنازع اليوم من أجل البقاء.