فتحت مفتشية التشغيل على مستوى وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، تحقيقا معمقا في ملفات آلاف الأشخاص الذين من المفروض أنهم يعملون في إطار الإدماج المهني، لكنهم لا يقدمون أي عمل، بالتواطؤ مع عدة إطارات في هيئات لها علاقة بالملف لتمكينهم من أجور شهرية. أوضح مصدر مسؤول ل''الخبر'' بأن ''التحقيقات شملت 10 ولايات، وبيّنت النتائج بأن هناك ملفات سوداء يتورط فيها الموظفون على مستوى كل من البلديات ووكالات التشغيل''. مضيفا بأن ''المفتشية العامة للوزارة لن تتسامح مع أي مسؤول يهدر المال العام بمثل هذه الطريقة، حيث تبين بأنهم يعتمدون على تزوير المحاضر والوثائق لجعل الملفات قانونية''. ورفض المصدر الحديث عن عدد هؤلاء، إلا أنه قدّرهم بالآلاف، في 10 ولايات هي العاصمة ووهرانوتيارت وعين تموشنت وعنابة وورفلة والبليدة وسعيدة وقسنطينة وتيسمسيلت. من جهته، ذكر مصدر مطلع ينتمي لقطاع التشغيل أنه في 3 ولايات فقط من الغرب الجزائري، يستفيد زهاء 71250 شخص من أموال الإدماج المهني دون قيامهم بأي عمل وهذا بالتواطؤ مع موظفين إمّا بالبلديات أو وكالات التشغيل بالدوائر الذين يساعدون على تزوير محاضر التنصيب وأوراق الحضور. وأفاد المصدر ذاته أنه في ولاية تيارت تم كشف 51 ألف حالة خاصة باستفادة أشخاص من رواتب شهرية في إطار برنامج الإدماج المهني دون أن يباشروا أي عمل في أي مؤسسة. بينما في ولاية عين تموشنت، فتراوح العدد ما بين 14 و20 ألف من الذين نهبوا أموال مديرية التشغيل. وأما في ولاية وهران فبلغ عدد الذين قبضوا أموال الإدماج بغير حق 250 شخص، والطرق التي تتم بها مغالطة الجهة المسيّرة لأموال الإدماج المهني هي نفسها وتتمثل في تزوير الوثائق السالف ذكرها والتي مكّنت ''حرافة'' ومفقودين ومتحايلين ومزوّرين من قبض أموال دون مقابل مهني. مع العلم أن برنامج الإدماج المهني يشمل المؤهلين مهنيا، كالمتخرجين من مراكز التكوين المهني والذين يقبضون 8 آلاف دينار شهريا، والمؤهلين علميا من أصحاب الشهادات الجامعية الذين يستفيدون من راتب شهري قدره 15 ألف دينار، بالإضافة إلى غير المؤهلين الذي يتلقون أجرا شهريا بقيمة 12 ألف دينار. وبالنسبة للوظائف التي يتم ذكرها في ورقة الحضور ومحضر تنصيب المزوّرين، فتتنوع بناء على مستوى كل مدمج وهمي. فمثلا غير المؤهل علميا ومهنيا يكون منصبه المعلن عنه مرتبط بخدمات مختلفة كالنظافة وتطهير المحيط أو تنظيف الشواطئ وغيرها. وأما المؤهلين علميا فيتم تنصيبهم في مناصب إدارية حسب تخصص كل واحد، والأمر سيان بالنسبة لخرجي مراكز التكوين المهني الذين يوزعون على الحظائر والورشات. وباب تزوير الوثائق المودعة في ملف الاستفادة من رواتب الإدماج مفتوح على كل الوظائف والمستويات. وما نبه إليه مصدرنا هو أن كثيرا من مدراء التشغيل عبر مختلف الولايات وطنيا، لا يريدون التحقيق في هذا الموضوع ومتابعة المزورين الذين سلبوا أموال الإدماج المهني بغير حق لأنهم يخافون مما يسمى بالربيع العربي، خاصة وأن برنامج الإدماج المهني أقرّه رئيس الجمهورية لإخماد ثورة الشباب الجزائري الذي عانى من البطالة وذلك بعد اندلاع الثورات الشعبية في كل من تونس ومصر.