عرف الاقتصاد المصري، بعد الثورة، تراجعا على عدّة مستويات، إلى درجة أن أصوات ارتفعت تحذّر من إفلاس مصر، خاصة بعد أن انخفضت قيمة الجنيه المصري أمام الدولار إلى مستويات قياسية، وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 4, 24 بالمائة، بل وهروبها من مصر ما قلّص حجم الاحتياطيات المصرية من العملة الصعبة. ونزل حجم الاحتياطيات من العملة الصعبة من 36 مليار دولار في عهد مبارك إلى 15 مليار دولار خلال حكم المجلس العسكري، قبل أن تستقر في حدود 5, 15 مليار دولار في عهد مرسي بفضل الدعم القطري والتركي والسعودي، ونسبة النمو في عام 2012 كانت أقل من 5, 2 بالمائة، بعدما بلغت في 2010 ما يزيد عن 5 بالمائة، لكنها كانت أفضل من العام الأول للثورة الذي قاده المجلس العسكري، حيث تراجع النمو بنسبة 3 ,1 بالمائة. 7 ,34 مليار دولار ديون في حين ارتفعت نسبة الديون بواحد بالمائة لتصل إلى 7, 34 مليار دولار، حيث لجأت حكومة هشام قنديل إلى الاستدانة من عدّة دول عربية وإسلامية، إلا أنها، لحدّ الآن، لم تستلم قرضا من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 ,4 مليار دولار، بعد تردّد الحكومة في تطبيق سياسات الصندوق التقشفية، التي من شأنها زيادة الاحتقان الاجتماعي والسياسي، كما خفضت درجتها الائتمانية من ''بي'' إلى ''-بي''، أيّ بلد غير مستقر، ما يصعّب على مصر الحصول على قروض، إلا بشروط قاسية. كما إن قطاع السياحة، الذي يعدّ من أهمّ الموارد الاقتصادية لمصر، عرف هو الآخر تراجعا محسوسا، فبعد أن حقّق هذا القطاع مداخيل بنحو 5, 12 مليار دولار في 2010 تراجع بنحو الثلث إلى نحو 9 مليار دولار في 2011 ، لكنه تحسّن في 2012 . وعلى الصعيد الاجتماعي، ارتفعت البطالة إلى معدّلات عالية، بلغت 18 بالمائة مقابل 12 بالمائة في 2011 و9, 8 بالمائة في عهد حسني مبارك، وهذا يعني أن مصر بحاجة إلى 70 مليار دولار من الاستثمارات للقضاء على البطالة، حسب حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية، والذي أشار إلى أن الخسائر الاقتصادية بلغت 120 مليار دولار خلال العامين الماضيين، كما إن نسبة الفقر بلغت 40 بالمائة، حسب دراسة بريطانية. 10 ملايير دولار دعم عربي وإسلامي لمصر ولمواجهة هذا التراجع الاقتصادي الذي تعرفه كل الدول عقب الثورات أو الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، فإن الرئيس مرسي ومن ورائه جماعة الإخوان المسلمين لجأ إلى دعم الدول الصديقة، وخاصة قطر التي منحته 5 مليارات دولار منها مليار دولار منحة والباقي كوديعة وسندات، ووعدت باستثمار 18 مليار دولار في مصر خلال الخمس سنوات القادمة. كما قدّمت السعودية دعما لمصر بنحو 75, 3 مليار دولار، وفتحت مجال التوظيف لنصف مليون عامل مصري في السعودية، أما تركيا فقدّمت قرضا ميسّرا لمصر بقيمة مليار دولار، كما وعدت ليبيا بدعم مصر ماليا، وكل هذه المساعدات ساهمت في استقرار احتياطي الصرف من العملة الصعبة عند 5, 15 مليار دولار. 200 مليار دولار متوقّعة من الصيرفة الإسلامية ونظّمت جماعة الإخوان المسلمين عدة حملات لتشجيع تحويل المصريين العاملين في الخارج لأموالهم، وفتحت عشرة الآلاف من مناصب العمل في عدّة محافظات، كما سعت كتلتها في مجلس الشورى إلى تسريع المصادقة على قانون خاص بالتمويل الإسلامي غير الربوي، ويأملون في توفير 200 مليار دولار من المعاملات المالية الإسلامية، ما سيجعل مصر قطبا عالميا للصيرفة الإسلامية منافسا للخليج وماليزيا وبريطانيا. مشاريع قناة سويس قد تخطف الأضواء من دبي كما إن مشروع تطوير قناة السويس قد يجعل هذه المنطقة تخطف الأضواء من دبي كمركز تجاري عالمي، على حد قول المفكّر الأمريكي اليهودي نعوم تشومسكي. فهل ينجح الرئيس مرسي وجماعة الإخوان في تدارك التراجع الاقتصادي وتحويل مصر إلى قطب اقتصادي عالمي خلال السنوات العشر القادمة، على غرار ما حدث في تركيا؟