تسبّب تدهور الوضع في منطقة الساحل، ومالي بالخصوص، في التأثير على نشاطات الشركات الأجنبية وعمالتها في المنطقة، منها الجزائر التي شهدت انسحاب وتعليق مشاريع. فبعد إعلان الشركة الكندية ''كانكور'' عن توقيف اضطراري لعمليات الاستكشاف والاستغلال للذهب بمنطقة الهفار، تم الإعلان عن انسحاب مجموعة من العمال والإطارات الفرنسيين من مركب تمييع الغاز بحقل أسبع بأدرار. تؤدي المخاوف الأمنية عادة إلى مضاعفة الأعباء المتصلة بإجراءات التأمين للمنشآت والأشخاص وارتفاع قيمتها، كما تزداد المخاوف من إمكانيات الاختراق داخل المنشآت، لاسيما بعد حادثة مركب الغاز بتيفنتورين. ويبدو أن هذا الحادث الأخير لايزال يلقي بظلاله على مركز تمييع الغاز بحقل أسبع، الواقع على بعد 40 كلم شمال عاصمة الولاية أدرار، حيث علمت ''الخبر'' من مصادر أمنية مطلعة أن المركز شهد، منذ بداية شهر فيفري الحالي، هجرة جماعية للعمال الفرنسيين والصينيين، منهم 39 عاملا فرنسيا، من بينهم 13 مهندسا، والباقي تقنيون، حيث غادروا مركب تمييع الغاز الكائن ببلدية أسبع في أدرار، حيث تشرف الشركة الفرنسية على إنجاز أهم مشروع لتمييع الغاز بالشراكة مع سوناطراك. ويعتبر المشروع من أهم المشاريع في إفريقيا، والذي انطلقت به الأشغال منذ أكثر من سنة، غير أنها توقفت بسبب مغادرة العمال الفرنسيين للمصنع تخوّفا من أي اعتداء محتمل، خاصة بعد إلقاء القبض على شقيق أحد المشاركين في حادثة تيفنتورين، كان يعمل مع الشركة الفرنسية في المركب. وثمّن كلود برنار، أحد المهندسين الفرنسيين في تصريح ل''الخبر''، الإجراءات الأمنية الأخيرة التي قامت بها قيادة الدرك الوطني لتأمين المنشآت والشركات الأجنبية والرعاية الأجانب، لكنه اعتبرها غير كافية لأن المنطقة لم تعد آمنة، على حدّ قوله، وهو ما يثير مخاوف العمال الأجانب، باعتبارهم المستهدف الأول للجماعات الإرهابية. تبقى الإشارة إلى أن مشروع تمييع الغاز كان من المنتظر أن يشرع في الإنتاج مطلع سنة 2015، حيث كان من المنتظر أن يتم تصدير أول شحنة من الغاز نحو فرنسا، حسب الاتفاقيات المبرمة بين البلدين مطلع سنة 2011 في الجزائر. وتفوق تكلفة هذا المشروع مليار دولار، غير أن إنجاز المشروع سيعرف تأخرا كبيرا، بسبب مغادرة العمال الأجانب للمركب، بالإضافة إلى بعض العمال الصينيين، بدواعي الظروف الأمنية غير اللائقة. في السياق نفسه، قرّرت الشركة الكندية كانكور تعليق نشاطاتها بصورة اضطرارية في مجال استكشاف واستغلال الذهب في منطقة الهفار، وكانت الشركة قد باشرت عمليات استكشاف في منطقة تيراك شمال الذي يمتد على مساحة 989 كلم مربع.