عن عدي بن حاتم رضي اللّه عنه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر النّار فأشاح بوجهه فتَعَوَّذ منها، ثمّ ذكر النّار فأشاح بوجهه فتعوَّذ منها، ثمّ قال: ''اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة، فمَن لم يجد فبِكلمة طيِّبة''، رواه البخاري ومسلم. ومعنى شقّ التمرة: نِصفها، وهو مبالغة في القِلَّة، كما قال اللّه تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} الزلزلة:7. وفي هذا حثّ على عمل الخير كلّه، قليله وكثيره، ولو بالكلمة الطيِّبة، وأنّ ذلك يقي صاحبه ويستره من النّار، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ''وفي الحديث الحثّ على الصَّدَقة بما قَلَّ وبما جلَّ، وأن لا يحتقر ما يتصَدّق به، وأنّ اليسير من الصّدقة يستر المتصَدِّق من النّار''. ومَن اعتادَ الصَّدَقَة تصدَّق مرّة بالكثير ومرّة باليسير، حسب ما يتيسَّر له، ألاَ ترَى أنّ عائشة رضي اللّه عنها آثرَتْ سائِلاً طرَقَ بابَهَا بطعام إفطارها كُلِّهِ، ومرّة أخرى أعطته حبَةَ عِنَب.