الحكومة اهتمت بمكافحة الإرهاب والتهريب وأهملت قضايا الشعب قال المحامي رشيد واعلي، مستشار رئيس الاتحاد الدولي للمحامين، إن تطبيق عقوبة الإعدام سيوسّع دائرة فجوة العنف داخل المجتمع الجزائري الذي عانى الكثير من ويلات الاستعمار وفترة التسعينيات، ما ولّد بداخله رغبة في الانتقام والقتل بشتى الطرق، مشيرا إلى أن الدولة خصصت أموالا طائلة لمكافحة الإرهاب، وتركت المجتمع يغرق في حلبة الشجارات والاغتصاب والاختطاف. كيف تنظر لظاهرة الاختطاف في مجتمعنا؟ في الحقيقة، هي ظاهرة غريبة على الشعب الجزائري الذي تربى على مبادئ الأخوة والشرف واحترام الجار، مثلما أوصى به النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. لكن العشرية السوداء، وسياسة الدولة في الجانب الاجتماعي، وتخلي الأولياء عن التربية الصحيحة لأبنائهم، جعلنا ندخل في دوّامة التفكك الأسري والاعتداء الجنسي على النساء والأطفال، والاغتصابات التي تسجل أرقاما مخيفة سنويا، وهي كلها عوامل سمحت ببداية تسجيل ارتفاع في حالات الاختطاف التي مست أطفالا أبرياء، لا ذنب لهم في انهيار قيم المجتمع. فكيف نفسر اعتداءات جنسية لأئمة مساجد على أطفال وبنات، ما جعلنا نعيش في وضع ينذر بالخطورة، مع احتمال الاستمرار في تفكك الروابط الأسرية والانحلال الخلقي الذي كان سببا رئيسيا في معظم جرائم القتل. برأيك، هل تطبيق الإعدام في قتلة ومختطفي الأطفال سيكون حلاّ مناسبا؟ شخصيا، أنا ضد الأصوات التي تنادي بتطبيق عقوبة الإعدام، بما في ذلك بعض الزملاء والأطباء، لأن هؤلاء خرجوا في نظري عن مبادئ المهنة. أنا من دعاة تطبيق السجن المؤبد في حق مرتكبي هذا النوع من الجرائم، بشرط أن تكون مرفوقة بالأشغال الشاقة، حتى تكون العقوبة بمثابة تعذيب دنيوي لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب جرائم في حق أطفال أبرياء. وهذا الرأي لا يعني تماما بأنني لا أقدّر الوضعية التي يعيشها أولياء هؤلاء الضحايا. أنت تعتبر من القلائل الذين لا يؤيدون تطبيق الإعدام؟ أرواح هؤلاء المجرمين بيد الخالق، هو من يتصرّف فيها ويقرّر إنهاء أجلها. كما لا يجب أن نهمل أمرا مهما، وهو أن من يرتكبون هذا النوع من الجرائم أو جرائم القتل عادة، هم ثمرة مؤسسة منفكة بأكملها، من مجتمع فرط في مبادئه الإسلامية، ومؤسسات دولة تهتم بمكافحة الإرهاب. وأنا أتساءل: لماذا لم تطبق الدولة الإعدام في حق الإرهابيين الذين قتلوا أطفالا وشيوخا ونساء. إذن، سياسة الدولة، في نظرك، خاطئة والشعب يدفع الثمن؟ الحكومة تتحمّل قسطا معتبرا من المسؤولية، لأنها اهتمت بمكافحة الإرهاب والتهريب، ووفرت لهذه العملية مليارات الدولارات، وتركت شعبها يعيش في محيط غير آمن، بدليل أن هناك مواطنين يقدمون شكاوى لدى مصالح الأمن في أمور اجتماعية ترمى وتوضع على الهامش، ويستقبلون من طرف أعوان الشرطة أو الدرك على أن الأهم هو مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة والتهريب، وهو ما يعطي الانطباع لدى المواطن على أن هناك عدم اهتمام من أعلى مستوى لمشاكله وانشغالاته. وقد حدثت في مدن أن جرائم قتل وسرقة وهتك عرض ارتكبت، رغم إعلام وتحذير مواطنين منها مسبقا لمصالح الأمن. وما تقييمك لدور الإعلام، هل يتحمّل المسؤولية؟ في دول متطوّرة ودول عربية، الفضائيات والقنوات التلفزيونية، في القطاعين العام والخاص، تولي اهتماما بالغا لقضايا المجتمع، من خلال حصص في هذا الإطار، مع توسيع دائرة النقاش مع مختصين نفسانيين واجتماعيين وعلماء دين، لدراسة ظواهر معيّنة انتشرت وسط مجتمعاتهم. لكن في الجزائر، الفضائيات تهتم بالاحتجاجات في مختلف الميادين، وأمور الأحزاب والسياسة، ما جعل المشاهد يملّ من رؤيتها، لقدم مواضيعها وتفاهة نقاشاتها في أحيان كثيرة.