المطالبون بإنهاء حكم الرئيس ينفردون بالساحة السياسية لم يعل بعد صوت المؤيدين المفترضين للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، وهم على الأرجح حزبا الأفالان والأرندي وجمعيات أبناء الشهداء والمجاهدين، والكشافة الإسلامية، والمركزية النقابية ونقابات طلابية وتنظيمات الزوايا، ما يطرح أكثر من سؤال عن تخلف هذه ''المجموعة الصوتية'' عن مكابرة الخصم الرافض لفكرة التمديد، هل هو تردد الرئيس نفسه في الترشح أم أن الإيعاز لم يحن تاريخه بعد؟ بقدر احتمال أن يكون فارق السرعات ما بين جهر بعض التكتلات برفض مشروع العهدة الرابعة وصمت الفريق المؤيد لها، على علاقة بأجندة كل فريق، بقدر ما قد يفسر بغياب مشروع التمديد من الأصل، وإلا ما تفسير صمت فريق الولاء المعروف، أمام استفراد خصوم بوتفليقة بالساحة السياسية في الفترة الأخيرة. وفي العادة يتشكل الفريق المساند لبوتفليقة من تيار الولاء المطلق، ويضم أحزابا مرتبطة بالسلطة أو كيانات تدعي ''صدقا'' أم ''نفاقا'' دعم برنامجه، وتقوم قاطرة المساندة على حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، بحذف حركة مجتمع السلم المنسحبة من التحالف الرئاسي، لكن ظروف الحزبين هذه المرة تختلف بدورها بمعاناة كليهما منذ شهور من أزمات داخلية أبعدتهما عن سيناريوهات الرئاسيات، ولو أن موعد الاقتراع يقع على بعد 12 شهرا كاملة. ويضاف إلى هذا الائتلاف الحزبي، جمعيات ذات وزن إداري وتنظيمي كبير، كجمعيات أبناء الشهداء والمجاهدين، والكشافة الإسلامية، ونقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين والزوايا ونقابات طلابية، وصمت كل هذا المكون يعني شيئين: إما غياب الإيعاز، وهو دور كان يؤديه في السابق شقيق الرئيس الأصغر، السعيد بوتفليقة، وإما غياب مشروع العهدة الرابعة من أصله. وبمقارنة درجة الترقب التي رافقت انتظار ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة ثانية ثم ثالثة، فمن الواضح أنها ستكون أكبر لمعرفة موقف الرئيس من العهدة الرابعة. في التجارب السابقة كانت تتسرب أنباء ''بفعل فاعل'' عن الرغبة في الترشح إلى آذان ''الفريق الصوتي''، ما جعله يرفع شعار المساندة باكرا مثلما كان الحال سنة 2008، حينها اعتمد محيط بوتفليقة إستراتيجية إعطاء الانطباع بأن الشارع ''يرغب بشدة'' في ترشح الرئيس، عبر ما يسمى ب''الهتافات العفوية'' خلال الخرجات الميدانية لبوتفليقة، والعشرات من البيانات الصادرة عن أحزاب ومنظمات جماهيرية ونقابية وثورية، استمرت لشهور إلى غاية تعديل الدستور وإعلان الرئيس الترشح مجددا. لكن محيط الرئيس هذه المرة لا يبدو وأنه قد فصل في أمر التمديد من عدمه، بما أن بوتفليقة نفسه يرفض الخوض في ملف ترشحه من عدمه لسباق الرئاسيات في ربيع 2014، لذلك وردت بعض الدعوات للترشح من ''أفراد'' وليس من هيئات، واكتفاء جبهة التحرير الوطني بإعلان دعم بوتفليقة إذا ترشح وليس دعوته للترشح، وتنقسم قراءات حول طبيعة ما يفكر فيه الرئيس قبل عام عن موعد الرئاسيات. أحد التحليلات يرجح عدم ترشحه ويعتمد على مقاطع من خطابه في ولاية سطيف قبل التشريعيات لما قال: ''لقد طاب جناني''، بيد أن أخرى تقارب بين تأخير تعديل الدستور، ما يذكر بسيناريو العهدة الثالثة لما عدل الدستور في نوفمبر 2008 وإعلان بوتفليقة ترشحه ثلاثة أشهر من بعد (فيفري 2009). في النهاية سيكون مفاجئا جدا للمساندين أن يعلن بوتفليقة ترشحه مجددا في الظروف المرتبطة بالرئاسيات القادمة، لكن هذا الانطباع السائد لم يحفز مجموعة المعارضين لطرح مرشحين، خشية أن يقدم بوتفليقة على المنافسة ويصبحوا في النهاية مجرد ''أرانب'' رئاسية، أو ترقبا لأن تصفو الأجواء بين ما يعرف ب''أجنحة الحكم''.