لم تشكّل الوضعية الحالية على الحدود الشرقية مع إقليم ولاية تبسة والجمهورية التونسية، مؤشرا لتراجع نشاط مهربي الوقود، بدليل عشرات المركبات التي تشحن يوميا آلاف اللترات من هذه الطاقة، وتخترق بها مسالك ريفية حدودية لتجنّب الحواجز الأمنية، فيما شدّدت الرقابة الأمنية لمنع تسرب الأسلحة والذخيرة. وبحسب جولة ميدانية لبعض المناطق الحدودية، فإن الحواجز الأمنية لمختلف أجهزة الرقابة، سيما في المناطق الريفية، خفضت إلى أقصى الحدود لملاحقة المهربين. فعلى طول المسافة المؤدية إلى بلديات الشريط الحدودي من عين الزرقاء والمريج وونزة والكويف شمالا، إلى غاية الحويجبات وأم علي وبوشبكة، تبرز هناك دوريات متنقلة لحرس الحدود والدرك، ولكنها أقل كثافة من السنوات الأخيرة. وحتى في المناطق الحضرية في الإختصاص الإقليمي للشرطة، توجهت الدوريات لبعض الأحياء المشتبه فيها والتركيز على مكافحة التخزين وضرب مافيا التهريب من مصادر انطلاقها. وأفاد مصدر أمني، رفض الكشف عن صفته، بأن الإستراتيجية الحالية على الحدود تنبع من دراسة معمّقة للوضعية الأمنية في دول الجوار، وللاعتماد بصفة رئيسية على المعلومة التي تتضمن تحركات المهربين، بحيث أثبتت هذه الطريقة نجاعتها في مقابل عدم تسخير إمكانيات كبيرة. غير أنه في نفس الوقت، أكد أن ارتفاع نسق تفعيل المعلومة بغرض الأمن الحدودي الإقتصادي، يتطلب حسا مدنيا للمواطن وتعاونه مع مختلف أجهزة الرقابة، التي وضعت خطوطا خضراء لسرعة التدخّل. في مقابل ذلك، لجأت بعض مجموعات التهريب إلى مسالك بعيدة عن إقليم بلدية الحويجبات المطلة على قمة جبل الشعانبي بولاية القصرين في تونس، وأحيانا الخروج نهائيا نحو طرق أخرى بإقليم ولاية سوق أهراس. فقد تمكنت مصالح أمن تبسة خلال ال 48 ساعة الماضية، من إفشال محاولة تهريب 500 عجلة مطاطية و20 طنا من الإسمنت. وأوقفت الفرقة الإقليمية بالعقلة على مستوى الطريق الوطني رقم 83، مركبة محمّلة ب 12000 وحدة من لعب الأطفال (أقنعة الوجه) و8 آلاف قطعة صابون والحبة السوداء تونسية الصنع. وعالجت مصالح الدرك والشرطة، عديد القضايا في أقل من أسبوع واحد، حجزت فيها كميات ضخمة تجاوزت ال 20 ألف وحدة من علب السجائر الأجنبية ومعسل الشيشة المصري. وسجلت أجندة محجوزات المهربين أطنانا من التفاح والموز ببئر العاتر، كانت متجهة إلى الحدود التونسية. وتشير تصريحات سكان الحدود، إلى أن دوريات مكافحة التهريب تركّز حاليا على التحركات المشبوهة لتهريب الأسلحة والبارود وبندقيات الصيد المتطورة والذخيرة الخاصة بها، كتلك العملية التي فكك فيها الدرك ورشة بمنطقة العقلة المالحة، حيث تم حجز المعدات و5 ,1 قنطار من نيترات البوتسيوم المهرّب، والذي يدخل في صناعة المتفجرات، وهي نفس المادة التي حجزت على الحدود البحرية التونسية الليبية على متن زورق قادم من ليبيا، وهي وضعية اضطرت المهربين إلى البحث عن مسالك جديدة تبعد عن اضطرابات جبل الشعانبي لتجنب الرقابة الأمنية التونسية والجزائرية، ليستمر تهريب الوقود ومواد أخرى قد تستغلها الجماعات المسلحة للدعم اللوجيستيكي.