تجمع الأحزاب السياسية على أن فترة شهر من غياب الرئيس أثرت بصفة بالغة على سير مؤسسات الدولة. وإن تفاوتت درجة التأثير بالنسبة إليهم، إلا أن ثمة إجماعا على وضع غير عادي موسوم بتنامي حالة الترقب والانتظار اللذين أصابا الدولة بشبه شلل. يرى المكلف بأمانة الإعلام والاتصال في حزب جبهة التحرير الوطني، قاسة عيسي، أن ''المؤسسات لها تأثر كبير للجانب الشخصي، وهذا الأمر ليس وليد اليوم، كما أن مرض الرئيس بوتفليقة لم يكن صدفة، وكل الناس تعرف أنه كان مريضا قبل أن يتنقل إلى فرنسا''. كما يعتقد أن الوضع يشبه كذلك الترقب المعتاد لما يشاع الحديث عن تعديل حكومي، ما يعني أن حالة الترقب لا ترتبط عضويا بمرض الرئيس. وبعد شهر من غياب بوتفليقة عن قصر المرادية، يقول قاسة عيسي: ''من يقول إن مؤسسات الجمهورية لم تتأثر بتاتا لهذا الغياب فهو مخطئ، على الأقل من الناحية المعنوية، لكن يتوجب أن تعالج هذه الأوضاع بعيدا عن التأويل والتهويل''. وعرض المتحدث ل''الخبر'' مسار قضية مرض الرئيس منذ بدأت والإعلان الأول للبروفيسور بوغربال بشأن طبيعة مرضه، وصولا إلى مطالبة البعض بتفعيل المادة 88 من الدستور، حيث يعتقد أن المطالبة بذلك ''ليست في محلها وتهدف إلى أغراض سياسية ضيقة''. وسلم قاسة بأمر واقع يقول إنه يتوجب دراسة كل الاحتمالات وأخذها بعين الاعتبار، حتى تكون الدولة وفي أي وقت قادرة على تفعيل مؤسساتها بذكاء''. وحتى بالنسبة لانعكاس غياب الرئيس عن تسوية الأمور داخل الأفالان، يقول قاسة إن ''بعض الإخوان لما ندعوهم لمناقشة عقد دورة للجنة المركزية، يتساءلون كيف نعقدها في غياب الرئيس؟''، بينما يعلق على موقفهم بالقول إن هؤلاء: ''منهم من لا يستطيع التنازل عن أمانيه وموقعه، وموقفهم ليس احتراما للرئيس''. ولا يوافق المكلف بالإعلام في حركة ''النهضة''، محمد حديبي، رأي قاسة، حينما يقول إن شهرا من غياب الرئيس أبان عن دولة مشلولة، وهي نتيجة منطقية في نظره بالنسبة لنظام رئاسي يستجمع كل الصلاحيات في يد الرئيس. ويقول حديبي: ''كل شيء تعطل داخليا وخارجيا، فأصبحت مصالح الدولة مهددة في ظل غياب جهة محددة تتحمل المسؤولية''. ويستغرب المتحدث تعاطي السلطة مع الملف، ويقول: ''إذا كان بإمكان الرئيس إكمال مهامه وهو في صحة تسمح له بذلك، فعلى الأقل يكلف جهة معينة بإدارة الأمور وفقا لأجندة زمنية محددة''. ويعتقد حديبي أن الفترة التي قضاها الرئيس خارج البلاد كفيلة بالمطالبة بطرح ملف بوتفليقة أمام الشعب: ''وإذا كان لابد من تطبيق القانون فليكن، وإذا رأت السلطة غير ذلك فعليها تقديم تبريراتها''. ويتابع: ''أضحت الدولة مهددة بالانهيار ولا أحد يتحمل مسؤوليته''. ويقترب رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، في موقفه، من هذه الرؤية، لما يعتقد أن قضاء الرئيس فترة شهر في فرنسا أظهر ''فراغا جليا'' بالنسبة لأداء مؤسسات الجمهورية لا سيما البرلمان والحكومة، لكنه يؤكد أن هذا الفراغ ''ليس وليد انتقال الرئيس إلى ''فال دوغراس'' وإنما بدأ منذ أشهر عديدة''. ويقول: ''الرئيس بوتفليقة هو الذي يدير شؤون البلد عن طريق الجهاز التنفيذي، لكن هناك جمودا وركودا، في ظل وجود مؤسسات الجمهورية، كما الشعب، في حالة ترقب تتضاعف يوما بعد يوم''. ويرى موسى تواتي أنه ''كان يتعين علينا أخذ تصريح الرئيس بوتفليقة من سطيف الذي قال فيه: ''طاب جناني''، كان يجب أن نحترمه ونأخذه بعين الاعتبار وبمنطق جدي للبحث عن الحلول المناسبة''. ليؤكد أن فترة غياب الرئيس: ''الناس (المسؤولين) ضاعفت مساعيها في البحث عن مصالحها وليس مصلحة الدولة وكل الناس تعيش حالة سوسبانس''. وكانت فترة 30 يوما، والرئيس بعيد عن الجزائر، كافية لرئيس حركة الإصلاح الوطني أن يصف مآلات الوضع ب''الغامضة والمتأزمة''، ويسلم بتأثير واضح لغياب الرئيس على مؤسسات الجمهورية شبه المتوقفة، وتابع بأن ''فترة غياب الرئيس أكدت شلل المؤسسات الذي مرده احتكار الصلاحيات في يد شخص واحد''.