بات غياب العاهل المغربي محمد السادس عن الساحة السياسية المغربية يثير الجدل، لاسيما بعد عدم ظهور المسؤول الأول عن المملكة في عدة مناسبات هامة، من بينها زيارة الوزير الأول التركي طيب رجب أردوغان وتنظيم المغرب لاجتماع البنك الإفريقي للتنمية. وباستثناء بعض الإشارات التي صدرت في صحف أوروبية فرنسية وإسبانية، إلا أن آخر نشاطات الملك كانت في تسوية المشكل الناتج عن إعلان حزب الاستقلال أهم حليف للتيار الإسلامي ممثلا في حزب العدالة والتنمية انسحابه من الحكومة وتفادي حدوث شغور سياسي يدفع إلى تنظيم تشريعيات مسبقة. واكتفى القصر الملكي، منذ قرابة شهر، بالبرقيات والرسائل التي ترسل باسم العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي تعود أهم خرجاته إلى 10 ماي الماضي، مع إطلاق أشغال إنجاز أول محطة شمسية مدمجة “نور” بمدينة ورزازاتجنوب المغرب، وحضوره لصلاة الجمعة بمسجد الحسن بالرباط، وقبلها قام العاهل المغربي بزيارة خاصة للإمارات العربية المتحدة. وعلى غرار الجزائر، فإن وضع المسؤول الأول عن المملكة المغربية يلفه الكثير من الضبابية والغموض، باستثناء بعض المقالات الصادرة في أوروبا وإشاعات غير موثقة عن مرض العاهل المغربي على صفحات الشبكات الاجتماعية والمواقع الالكترونية، فيما التزم القصر الملكي الصمت إزاء ظاهرة غياب الملك التي تتكرر بصورة دورية سنويا لفترة زمنية تمتد لأسابيع، تختزل تحت مبرر الزيارات الخاصة. وأول من طرح سيناريو مغاير لوضع العاهل المغربي هي صحيفة “آل ايمبارسيال” الإسبانية، التي أشارت إلى إصابة العاهل المغربي بفشل كلوي أو مرض كبدي يجبره على التنقل بصورة منتظمة إلى فرنسا، إلا أن هذه المعلومات المتداولة لم يتم تأكيدها من أية مصادر موثوق بها. بالمقابل، ذهبت صحف فرنسية أبعد من ذلك من خلال الإشارة إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس خضع لعملية جراحية في أحد المستشفيات الباريسية للعلاج من مشاكل تنفسية بات يعاني منها، مضيفة أنه يمضي فترة نقاهة في قصره الفاخر بمدينة “بيتز” القريبة من باريس. وتقاطعت هذه المعلومات مع أخرى أوردتها نشرية “المغرب العربي السرية” حول تواجد الملك المغربي بباريس، وظل الإعلام الفرنسي غير دقيق في معلوماته، مع تضارب في الأنباء بخصوص طبيعة مرضه بين إصابة في جهاز التنفس ومعاناته مع داء الفشل الكلوي ومرض الكبد. وعلى خلاف الأوضاع السابقة، فإن طول مدة غياب الملك أضحى يشكّل عامل قلق بالنظر للأوضاع السياسية الداخلية والتجاذبات بين القوى السياسية الرئيسية الحليفة، والتي غالبا ما يفصل فيها الملك الذي يلعب دورا أساسيا لتفادي أية مضاعفات لأزمة سياسية غير معلنة بين أبرز الفاعلين في الساحة.