هددت النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، بمقاطعة عمليات حراسة وتصحيح امتحان البكالوريا العام المقبل، ما لم تصدر وزارة التربية عقوبات صارمة ضد التلاميذ الغشاشين، واعتبرت صمت مصالحها عشية الإعلان عن النتائج، بمثابة محاولة خطيرة لشراء سلم اجتماعي اعتقادا منها، حسبه، بأن معاقبة المتورطين في عمليات الغش من شأنه أن يعيد الاضطرابات إلى القطاع. استغربت النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، تعامل وزارة التربية “السلبي” مع ظاهرة الغش التي ميزت امتحان شهادة البكالوريا هذا العام، وقالت على لسان رئيسها مزيان مريان، بأن علامة استفهام كبيرة تطرح، حول عدم تفاعل مصالح بابا احمد لحد الآن مع الغش الذي ميز أسئلة مادة الفلسفة على وجه خاص. وحسب مريان الذي تحدث ل«الخبر”، فإن “السناباست” تطالب باستفسارات وتوضيحات رسمية من الوصاية، تبرر عدم اتخاذ أية إجراءات ردعية ضد المتورطين في عمليات الغش، رغم أنها ثابتة ومؤكدة بدلائل لا تحتمل أي تشكيك. وفي اعتقاد محدثنا، فإن صمت الوزارة يعتبر سابقة خطيرة في تاريخ القطاع، من شأنها أن تفتح الباب على مصراعيه في السنوات المقبلة للغش. وقال ممثل “السناباست”، بأن عدم معاقبة وزارة التربية التلاميذ المتورطين في عمليات الغش، هو في الحقيقة محاولة أخرى منها لشراء هدنة اجتماعية على حساب التلاميذ المثابرين والمجدّين، غير أن الوصاية أخطأت هذه المرة في تقديراتها، يضيف، لأن الرضوخ لمثل هذه الممارسات وعدم التعامل معها بصرامة، سيؤدي بالمنظومة التربوية إلى الهاوية ويعصف بالإصلاحات الجارية التي كلفت خزينة الدولة الملايير. ولا بد في هذا الإطار من الكشف عن طبيعة العقوبات التي يستحقها التلاميذ الغشاشين، حيث يجب أن تمنح نقطة الصفر في مادة الفلسفة، مع حرمان التلميذ من شهادة البكالوريا، حتى ولو قارب المعدل الذي يتحصل عليه العشرين. وبذلك، فإن الرأي العام سيتأكد بأن الغش ممنوع تماما في قاعات الامتحان وأن وزارة التربية تضرب بقوة كل تلميذ يحاول أو يفكر حتى في اللجوء إلى الغش لضمان النجاح. وقد حان الوقت، يقول محدثنا، لتطبيق القوانين بصرامتها في القطاع واستعادة الانضباط إلى المؤسسات التربوية، لضمان السير العادي والحسن وكذا تكوين نوعي للتلاميذ، مثلما هو منوط بالقطاع، فأي تساهل في هذا الإطار، حسب مزيان، لن يؤدي إلا إلى انفلات الأوضاع ومزيد من التسيّب من قبل التلاميذ، كما أن ظاهرة الغش، ستصبح ملاذ جميع التلاميذ حتى المثابرين الذين تعوّدوا على متابعة دروسهم ومراجعتها، بعد أن يلاحظوا أن الالتزام لم يعد وحده معيار النجاح. وتساءل مريان من صمت المسؤول الأول عن القطاع رغم الضجة الكبيرة التي أثارتها فضيحة مادة الفلسفة بشكل خاص، حيث لم تعد سرا على العام والخاص، حتى أنها كانت محل مساءلة شفوية في البرلمان، وهي كلها عوامل تلزمه باتخاذ أقصى العقوبات على التلاميذ الغشاشين، لوقف الظاهرة، التي ارتبطت أيضا بظاهرة العنف الذي يتعرض له الأساتذة الحراس، حتى بعد انتهاء الامتحان، مثلما حصل مع أحد أساتذة ولاية السعيدة، الذي تعرض لاعتداء عنيف من قبل أحد المترشحين بعد أسبوع من اجتياز الامتحان، تم نقله على إثره إلى المستشفى. وأشار مريان إلى تواطؤ كبير من قبل عدد من رؤساء مراكز الامتحان، تستروا على تقارير أعدها الحراس، وتضمنت بلاغات بحالات غش مؤكدة داخل الحجرات وأوراق امتحان متشابهة، حيث لم يتم إيصالها إلى ديوان الامتحانات والمسابقات، وهذا كله يدخل حسب محدثنا، في إطار تعليمات الوزارة، بعدم التشويش على ظروف إجراء الامتحان، لضمان استمرار الهدنة الاجتماعية.