انتقد عدد من مسؤولي المؤسسات البنكية قرار بنك الجزائر بتخفيض العمولات معتبرين إياه خيارا قاسيا تجاه المؤسسات البنكية خاصة الأجنبية منها، في حين أكد مسؤولو مؤسسات بنكية أخرى أن القرار سينعكس بالسلب على حجم العمولات للبنك إلا أنها لا يمكن أن تؤثر في توازنه المالي. قال يوسف غولة مدير بنك “بي أن بي باريبا الجزائر” إن هذا الأخير يخضع للقوانين الجزائرية رغم أنه يعمل برأسمال فرنسي، وعليه فإن التخفيضات من منظوره لا تحتمل الانتقاد وإنما تتطلب القيام بالإجراءات المناسبة لتطبيقها، رغم أنها تؤثر سلبا في العمل بسبب انخفاض العمولات إلا أنها لا يمكن أن تؤثر في التوازن المالي للبنك، وأوضح أن القرار سيظهر البنوك القادرة على المقاومة في الجزائر من غيرها. ونصح غولة في اتصال مع “الخبر” المؤسسات البنكية بتعديل نماذجها واستراتيجية عملها حتى تتمكن من التأقلم والتماشي مع متطلبات الاقتصاد الجزائري وجلب الأموال إلى المنظومة البنكية لتمويل الاقتصاد الحقيقي وإنشاء مشاريع خاصة، دون الاعتماد على تمويل نشاطات واحدة فقط، وقال إن الضرر جراء القرار سيمس بالدرجة الأولى البنوك التي تعتمد على تمويل التجارة الخارجية فقط والتي سوف تتعرض لخطر “الإفلاس” مستقبلا، وأضاف أن التواجد في مختلف المجالات البنكية والقطاعات الاقتصادية في إطار شبكة منظمة من شأنها وقاية البنوك من أي قرارات مستقبلية. وقال إن الحكومة ترى أن عليها اتخاذ هذا القرار “ظرفيا” بهدف تخفيض الإيرادات للمحافظة على احتياط الصرف، ذلك أن مداخيل البلاد تأتي من البترول والغاز وليس فيه تنويع في المنتجات، “وهو ما يجب احترامه”، مبرزا أن النموذج الذي اعتمده “بي أن بي باريبا الجزائر” من حيث كونه بنكا جواريا يمول الاقتصاد والمؤسسات والأشخاص وغيرها من أنواع الزبائن وتمكنه من التواجد في مختلف المجالات من تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأشخاص والعائلات والمؤسسات الدولية والمؤسسات العمومية، يعطيه فسحة للتمكن من تخطي النقص المسجل في حجم العمولات في بعض القطاعات، والحلول دون التأثير في المردودية المالية للبنوك، لذا فسيكون البنك -وفق محدثنا- مستعدا للتأقلم مع القرار وتمويل مشاريع أكثر في الفترة المقبلة. واعتبر ب. عصام مدير فرع أحد البنوك الأجنبية بالجزائر “التخفيضات جد عامة ولا تساعد البنوك الخاصة على تطوير نشاطها”، مبرزا أن القرار الذي صدر عن بنك الجزائر سينعكس بالإيجاب على البنوك الوطنية التابعة للدولة فقط، وقال إن تخفيض العمولات سيؤذي لا محالة إلى التضييق على الاستثمارات التي تطلقها البنوك الأجنبية في الجزائر من منطلق أن القرار سيؤدي إلى مضاعفة المبادلات الخارجية أكثر مما هي عليه حاليا، بحيث سيتم الرفع من عدد الزبائن ومنهم المستوردين الذي سيتوجهون إلى إغراق السوق بالسلع المختلفة “ما يعني فتح الباب أمام الاستيراد وبنوعيات لا تكون ذات جودة أو من الرعيل الأول من المنتوج”. وأوضح محدثنا أن اللجان التي نصبت في إطار قرار بنك الجزائر إيجابية بالنسبة للزبائن إلا أن البنوك ستكون متضررة، ذلك أن كل بنك اعتاد تقاضي عمولة 100 مليون سنتيم على 10 زبائن مثلا سيكون مجبرا بعد التخفيض على تقاضي 100 مليون سنتيم نظير 20 زبون، وهو ما سيشجع على إرسال نقود الجزائريين إلى الخارج فيما أسماه ب “ عمليات تبييض أموال قانونية”. وحذّر المتحدث من تبعات تراجع استثمارات البنوك الأجنبية في الجزائر، خاصة أن العديد من المؤسسات البنكية على غرار البلجيكية والإنجليزية والأمريكية لوحت في الفترة الأخيرة برغبتها في دخول السوق الجزائرية وفتح فروع لها، هذه الأخيرة ستجد نفسها وفق تحليله مجبرة على التراجع عن قراراتها بدخول السوق الجزائرية، وقال إن “أي بنك يعمل في مجال المعاملات الخارجية والتصدير والاستيراد سيكون الخاسر الوحيد عند التخفيضات على العمولات أو التوطين أو إعادة التحويل فيما يكون المستوردون الرابح الأول”. ومن جهته ثمن مصطفى عثماني مدير الإدارة بإحدى المؤسسات المالية التي تتعامل مع البنوك قرار تخفيض العمولات وقال إنها ستمنح المؤسسات دفعة قوية لتوسيع نشاطاتها وتنويع سلعها، وأوضح أن العمولة تندرج دائما في تكلفة العملية عند منح القرض للزبون، لذا فإن المؤسسة المالية ستكون مستفيدة وقادرة على منح الأفضل لزبائنها بدورها.