بدأت الأحزاب الإسلامية في الجزائر في تبني خطاب سياسي مدني جديد، ولفتت في التصريحات والخطابات الأخيرة لعدد من قيادات الأحزاب الإسلامية، اعترافهم بضرورات مراجعة الخطاب السياسي لهذه الأحزاب، والتوجه إلى خطاب حداثي صرف يسهم في التقارب مع التيار العلماني حول العملية الديمقراطية. ودعا الأمين العام لحركة البناء الوطني، أحمد الدان، الأحزاب الإسلامية إلى تغيير خطابها بما يتناسب مع إمكانات وحدود التوافق مع القوى العلمانية على مفاهيم الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان. وقال الدان في ندوة نظمتها الحركة، إن “تغيير خطاب الأحزاب الإسلامية أمر مطلوب، ونعترف أن الخطاب الإسلامي لم يعد قابلا لاعتماده، لكن يتوجب في المقابل على العلمانيين أن يستوعبوا حق الإسلاميين في الممارسة السياسية والحكم إن فازوا في الانتخابات”. وأشار الدان إلى أن خرق قواعد الديمقراطية والانقلاب عليها بالدبابة في حالة مصر أو الجزائر، يدفع بجموع الشباب اليائس من العمل السياسي إلى العنف. وأضاف الأمين العام لحركة البناء الوطني أنه “يتعين على الأحزاب الإسلامية أن تصل إلى حدود توافق مع التيار العلماني حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم المجتمعية، وعلى رفض العنف اللفظي وإدانة العنف المادي”، وأشار إلى أنه “ليس على الإسلاميين أن يحرجوا العلمانيين بخطاب ديني. وفي المقابل، يتوجب على العلمانيين أيضا عدم إحراج الإسلاميين بخطاب يخوض ويشكك في مسائل الهوية". وأكد الدان أن الأحزاب الإسلامية لديها القدرة على تطوير خطابها واستيعاب الممارسة الديمقراطية بمفهومها المتعارف عليه، بدءا من حقوق الإنسان، وانتهاء باحترام صندوق الانتخابات، وليس بمفهومها الجديد الذي يضع الدبابة ضد الصندوق في حال أفرز فوز الإسلاميين، كما حدث في الجزائر في التسعينات وفي مصر بداية الشهر الجاري. واللافت في تصريح أحمد الدان، وهو قيادي سابق في حركة مجتمع السلم، تزامنها مع أفكار جديدة طرحها رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، حينما أعلن في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس شورى للحركة، الجمعة الماضي، أنه يتعين على الأحزاب الإسلامية أن تهيئ أحزابا مدنية تعتمد الوسائل العصرية في العمل السياسي، وهو خطاب يضع الأحزاب الإسلامية في الجزائر في مرحلة المراجعات السياسية الذاتية، وتبدو في سياقه هذه الأحزاب مستفيدة من تجربتها السياسية المريرة في الجزائر، ومن تجربة القوى الإسلامية التي كانت في صلب التحوّلات والتطورات المتلاحقة التي حصلت في دول الجوار والربيع العربي، وخاصة في مصر. وفي سياق آخر، أكد العضو القيادي في الحركة نصر الدين سالم شريف ل “الخبر”، أن الحركة لم تتخذ أي قرار فيما يخص الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال إن الحركة لا تستعجل النظر في موقفها إزاء هذا الاستحقاق الرئاسي، واستبعد سالم شريف إمكانية نجاح الإسلاميين في تقديم مرشح موحد خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.