''بوتفليقة استجاب لمطالب الإصلاح وليس منشئ إصلاحات'' مناصرة يعتبر هيئة بن صالح ''آلية بيروقراطية'' ويصرح لا يبدي عبد المجيد مناصرة، المتحدث باسم مؤسسي جبهة التغيير الوطني، تفاؤلا بشأن الإصلاحات السياسية التي وعد بها رئيس الجمهورية، الذي يدعوه إلى رمي ثقله في الهيئات والمؤسسات ليفرض عليها احترام الإرادة التي عبّر عنها في 15 أفريل، بخصوص إجراء إصلاحات عميقة. وينقل مناصرة، عن وزير الداخلية، بأن الرئيس يرغب فعلا في اعتماد أحزاب جديدة، وما منعه من ذلك طيلة سنوات حكمه، هو حالة الطوارئ، بحسب ما يذكر على لسان بوتفليقة. ويعتقد قيادي حمس سابقا، أن صيغة قانون الانتخابات المعدّلة لا تعطي ضمانات كافية لتنظيم انتخابات نزيهة، وأن التغيير سيأتي لامحالة باستعمال العنف إن لم يأت بواسطة الآلية الديمقراطية. دعا عبد المجيد مناصرة، المتحدث باسم مؤسسي جبهة التغيير الوطني، إلى ''التفريق بين تعديل القوانين وإصلاح القوانين''. ويرى أن نصوص الإصلاحات القانونية الجاري مناقشتها بالغرفة البرلمانية الأولى، لا تعكس إرادة سياسية في إحداث إصلاحات تأتي بالحرية والممارسة الديمقراطية. قال ضيف ركن ''فطور الصباح'' عبد المجيد مناصرة، إنه مقتنع بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ''استجاب لمطالب التغيير والإصلاح ولا يمكن اعتباره منشئ إصلاحات''. بعبارة أوضح، يرى نائب رئيس حمس سابقا أن حدة الحركة الشعبية المطالبة بالتغيير في المنطقة، ووصولها إلى حدود الجزائر، هو ما دفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إطلاق وعود بالإصلاح، ''فهو ليس مبادرا بالإصلاحات وإنما أحسن قراءة الأحداث فعبّر عن نيته في إجراء إصلاحات''. وعلى خلاف ما يراه كثيرون بأن الرجّة التي وقعت في جانفي الماضي، عندما خرج المئات للاحتجاج في 22 ولاية، سببها تذمر بخلفية سوء المعيشة وارتفاع الأسعار، يقول مناصرة بأن خطاب بوتفليقة في 15 أفريل الماضي ''لم يتكلم فيه إلا عن أزمة سياسية وقد أقرّ الرئيس بأن جوهر الأزمة سياسي''. ويشرح مناصرة فكرته بقوله: ''إن اتساع رقعة الاحتجاجات الاجتماعية بالشكل الذي شهدته البلاد مطلع العام، دليل على فشل سياسات وعلى عجز منظومة الحكم والتسيير عن الاستجابة لمطالب المواطنين. فلو كان الشعب يثق في الحكومة والسلطة والبلدية لما خرج إلى الشارع للتعبير عن حاجياته باستعمال العنف. عندما لا يجد المواطن من يصغي لصوته يلجأ إلى العنف''. وتابع: ''صحيح أن مشاريع التنمية ورفع الأجور تسمح بشراء سلم اجتماعي، ولكن عندما يكون هدفها إلهاء الناس والاستخفاف بعقولهم، لن تقضي على الأزمة. ألم يعلن العقيد القذافي غداة ثورة تونس عن إنفاق بقيمة 25 مليار دولار على مشاريع السكن؟ هل جنبّه ذلك ثورة شعبه عليه؟''. ووصف مناصرة هيئة المشاورات، التي جمعت مقترحات الأحزاب والجمعيات والشخصيات بخصوص الإصلاح، ب''آلية بيروقراطية أبطأت وتيرة الإصلاحات، فقد اقترحنا حوارا يجمع ولا يقصي نخرج منه بتوافق، بينما الطريقة التي اعتمدت (تحت إشراف رئيس الهيئة عبد القادر بن صالح)، كانت بيروقراطية وبطيئة لم تثمر شيئا بدليل أن الأطراف التي استشيرت ذكرت بأن رأيها ومقترحاتها لم يؤخذ بها، لذلك فالقوانين الجاري الحديث عنها لا يمكن اعتبارها إصلاحات، إذ ينبغي التفريق بين تعديل القوانين وإصلاحها''. ويحذر الناطق باسم مؤسسي جبهة التغيير، مما يسميه ''الإصلاح المزيف، وإذا لم نتوجه إلى الإصلاح وفق آلية الديمقراطية سنفتح الباب للتغيير بطرق أخرى، ولنا في تجارب تونس ومصر عبرة، فأنا أخشى أن تدفع الجزائر نحو المجهول إن لم تجد من يتحمّل المسؤولية لدفعها إلى مزيد من الحريات والديمقراطية''. ودعا رئيس الجمهورية إلى ''فرض إرادته في الإصلاح على الهيئات المعنية خاصة التي تشرف على الانتخابات''، وتأتي هذه الدعوة، حسبه، بناء على ملاحظته بأن الإصلاح القانوني المطلوب غير متوفر. ومع أن مناصرة ينفي صفة الإصلاح عن القوانين المتداولة، فهو يرى بالمقابل أنها تتيح هامشا للممارسة الديمقراطية. مناصرة يقول إنه يشعر بأن أحزاب التحالف ضد بروز أحزاب جديدة ''ما تم على قانون الأحزاب تعديل وليس إصلاحا'' تساءل عبد المجيد مناصرة، بعد قراءته لمشروع قانون الأحزاب الموجود لدى البرلمان، عن ''السبب وراء تعديله بشكل غير جوهري وعدم تماشيه مع معنى الإصلاح. وذكر مناصرة، المتحدث باسم المؤسسين لجبهة التغيير الوطني (قيد التأسيس) أنه يشعر بأن ''أحزاب التحالف الرئاسي ضد مبدأ بروز أحزاب جديدة ولما أرغمت على تقبل ذلك تتعمد اليوم وضع عراقيل''. يفضل عبد المجيد مناصرة، وصف ''التعديل'' على ''الإصلاح'' في تقييم العمليات التي أخضع لها قانون الأحزاب تحت مسمى ''الإصلاح السياسي''، وشرح في ركن ''فطور الصباح'' أن ''الإصلاح معناه توسيع دائرة الحريات، بمعنى إطلاق الحق في تأسيس أحزاب يفترض أن تكون فيه وزارة الداخلية مجرد جهة إخطار وليس سلطة تقديم الاعتماد أو رفضه''. وتقع أهم ملاحظات ''جبهة التغيير الوطني'' على مشروع قانون الأحزاب، ولو أنه لم يصبح نهائيا في انتظار تعديلات قد تقرها لجنة الشؤون القانونية ونواب البرلمان حول ''الإبقاء على هيمنة وزارة الداخلية، والأفضل كان إنشاء سلطة قضائية أو لجنة تستلم الملف دون أن تكون لها سلطة تقديرية''، ويذكر أن الجبهة ''كانت تتمنى تكريس حرية تأسيس الأحزاب، لكن القانون يعطي انطباعا أن السلطة تتوجس من خطر جسم غريب سيدخل المجتمع وتطرح بعض الأشكال في تقييده والتقليل من خطره''. لذلك لا يجد مناصرة حرجا في القول: ''بدا لنا أن الإرادة مترددة في فتح الباب، وأحزاب التحالف حاولت ترسيخ مفهوم أن الساحة متشبعة ولما أرغمت على القبول بأحزاب جديدة ترغب حاليا في العرقلة، بمقابل ''نية نستشعرها في اعتماد أحزاب جديدة رغم أن القانون يضيف بعض الشروط البيروقراطية وتفاصيل ليس لها معنى''. وسئل مناصرة إن كان التوجه نحو تأسيس حزب جديد محسوب على التيار الإسلامي، قد يزيد من تشتت وعاء الإسلاميين في الانتخابات القادمة، فرد ''لا توجد أرصدة محجوزة، المجتمع حر وخيارات الناس يمكن لها أن تتعدد أو تتطور، لذلك لا يوجد أدنى خوف على التيار الإسلامي السياسي''، وأضاف ''ربما سيرتفع رصيد أحزاب وينخفض رصيد أخرى، أما نحن فبرنامجنا موجه للجميع مع أننا نبقى ذوي مرجعية إسلامية، ومعنى كل هذا أنه (لا يساند الإسلامي إلا الإسلامي)''. ويتوقع مناصرة أن يحتل الإسلاميون القوة الأولى في تشريعيات العام القادم إذا جرت الانتخابات بشكل حر ونزيه. وبخصوص إضافة مادة لقانون الأحزاب تقصي ''الداعين للعنف باسم الدين من ممارسة السياسية''، يرى عبد المجيد مناصرة أن ''الأفضل كان ألا يتضمن القانون ذلك على الإطلاق، لأن المشكل لا يبدو واقعيا، ف2011 ليست 1990 كما أن القانون المدني وبعض القوانين تعالج هذه المسألة''. ويضم مناصرة صوته للرافضين للمادة القانونية في قانون الانتخابات التي تبقي على حرية المنتخبين في تغيير اللون الحزبي ''بناء على قناعات''، فقال: ''في السياسة القناعات لا تتغير، لكن سياسات الأحزاب قد تتغير، ونحن مثلا كنا من مؤسسي حمس ولما تعارضت سياسات الحزب مع قناعاتنا خرجنا دون أن يهمنا ما فقدناه''، ومعنى ذلك أن ''فرض مادة قانونية تمنع ذلك أمر غير دستوري''. وفي هذا الشأن يفتح عبد المجيد مناصرة شقا آخر تتحمّله الأحزاب نفسها ''لِمَ يقبل الناس ترشيح أشخاص لمجرد ركوب اسم الحزب ثم يغادرون، المشكل هنا في الأحزاب التي ترشح أناسا بعيدا عن إيديولوجية الحزب''، ويضيف ''ثلاث انتخابات ماضية أثبتت أن العمل السياسي مزيف داخل بعض الأحزاب لأنها تهتم بتضخيم العدد فقط''. أما فرض استقالة الوزراء قبل ثلاثة أشهر عن ترشحهم فيصفها ب''التعديل الفلكلوري لإيهام الناس بوجود ديمقراطية حقة.. إذا توفرت انتخابات نزيهة لا يهم أن يترشح شخص من منصبه كوزير أو منصب آخر مع ما ترفضه النزاهة من حياد الإدارة''. الفرصة ما زالت أمام الجزائر لتحسين العلاقات حسب مناصرة ''الحكومة وأحزاب ووسائل إعلام أخطأت تقدير الملف الليبي'' أوضح عبد المجيد مناصرة أن ''الجزائر كانت الدولة الأولى بالاهتمام بالشأن الليبي وأن تنحاز للشرف والنضال''، وتابع ''رغم تفهمنا لجزء من الموقف والمتعلق بالمخاوف الأمنية لكننا لم نفهم تأخر الدولة في الاعتراف بالثوار ورهانها على نظام القذافي للبقاء''. ويوضح مناصرة أن الجزائر لو أعلنت وقوفها مع الثوار ''لم يكن ذلك سيعتبر أبدا تدخلا في شؤون الدول الداخلية''، ويعلق على تحرك الجزائر في الفترة الحالية نحو ''السلطة الجديدة'' في ليبيا '' رغم أنه متأخر كثيرا لكني أتمنى أن تحسن إدارة هذا التحرك وبإمكان الليبيين أن ينسوا الخلافات لأن همّهم إقامة علاقات متميزة مع الجيران''. ويعتقد المتحدث بإسم المؤسسين لجبهة التغيير الوطني، أن ''أي توتر آخر لن ينفع الطرفين وعدم فسح المجال للقوى الأجنبية''. والغريب كما يقول مناصرة أن ''الخطأ لم يكن من الحكومة فحسب في تقدير الملف الليبي ولكن لدى قطاع واسع من الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام''. قال مناصرة صحيح أننا دعمنا ترشح عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات الرئاسة ,2009 ولكن ذلك لا يعني أبدا أننا موافقون على كل المسار. ورأيي الشخصي أن التعديل الذي أدخله على الدستور في 12 نوفمبر 2008 لم يكن خيارا صائبا. من السابق لأوانه الحديث عن ترشح بوتفليقة لرئاسيات 2014 من عدمه، فلكل حادث حديث. ما يهمنا توفير ظروف منافسة سياسية حقيقية، ومن يختاره الشعب هو من يكون، سواء تعلق الأمر باستحقاقي 2012 أو استحقاق .2014 التقينا وزير الداخلية دحو ولد قابلية قبل ستة أشهر، وأبلغنا بأن الرئيس بوتفليقة يملك إرادة في اعتماد أحزاب جديدة. وقد استعمل الرئيس في وقت سابق حالة الطوارئ كمبرر لرفض تشكيلات سياسية جديدة، وقد سقط هذا المبرر. جبهة التغيير الوطني مهيكلة على المستوى الوطني، ونحن ننشط منذ شهور ونترقب صدور قانون الأحزاب في صيغته الجديدة لنتكيف معه. الذي أسقط العقيد معمر القذافي شعبه وليس حلف شمال الأطلسي، الذي ربما ساهم في تسريع وتيرة إسقاطه وربما أيضا جنّب وقوع المزيد من القتلى في ليبيا. احترام الدستور والقوانين مسألة جوهرية، وأضم صوتي لكل من يطالب باحترام الدستور بصرف النظر عن المسؤولين الذين لا يحترمونه. سبب اقتصار الثورات العربية على الجمهوريات دون الأنظمة الملكية، مرده إلى أن العلاقة بين الشعب والحاكم في الملكيات أساسه الرضا بغض النظر عن طبيعتها (مستبدة أم لا) أما الجمهوريات فتعيش أزمة شرعية الانتخابات، كما أن أغلب الأنظمة الملكية لديها بعض الرفاه الاجتماعي وهذا لا يعني أن النظام الملكي أحسن من الجمهوري بل العكس. شعار إسقاط النظام غير صالح للحالة الجزائرية في الظرف الراهن، بل الأصح هو السلم الديمقراطي إلى غاية الانتخابات القادمة التي ستكون أهم اختبار. تأجيل تعديل الدستور معناه لا يوجد عنوان للإصلاح السياسي، وحجة تأجيل الأمر حتى انتخاب برلمان جديد غير صحيحة. أما تحديد الفترات الرئاسية في التعديل الدستوري المرتقب، أمر مهم وينبغي أن تعطى له الأولوية لأنه يبتعد بنا عن دولة الشخص الواحد، بينما ما يجري حاليا أن الكل ينافق ويمجّد الشخص الواحد.