التكتل التونسي يطالب بإعادة النظر في التحالف اهتز الشارع التونسي مرة أخرى، بعد أقل من أسبوع، من اغتيال المعارض محمد البراهمي، على وقع انتشار خبر مقتل تسعة جنود ليلة أول أمس بجبال الشعانبي في ولاية القصرين على الحدود مع الجزائر، حيث كانوا يقومون بدورية لملاحقة مشتبه فيهم، قبل أن يقعوا في كمين أسفر عن ذبح ثلاثة جنود ومقتل ستة، فيما أصيب أربعة آخرون بجروح بليغة. بمجرد نقلهم إلى مستشفى الولاية، خرج المواطنون في مظاهرات للتنديد بالعمل الإجرامي، فيما أكدت التقارير الواردة من تونس أن غالبيتهم توجهت إلى مقر حزب النهضة في القصرين للمطالبة بإسقاط الحكومة الحالية. وبينما أعلنت الحكومة الحداد ثلاثة أيام، استمرت هذه المظاهرات أمس في عدد من الولاياتالتونسية استجابة للمعارضة السياسية التي طالبت بضرورة استقالة الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، في إشارة إلى أن الحكومة الحالية التي يترأسها حزب النهضة الإسلامي ”متواطئة” مع التيار السلفي. وكان رئيس الوزراء، على العريض أعلن في وقت سابق، ساعات قبيل مقتل الجنود، رفضه لفكرة استقالة الحكومة، مؤكدا أن تونس قاربت على الخروج من المرحلة الانتقالية واستعادة الاستقرار وأن أي فوضى في الوقت الراهن من شأنها ”رهن مستقبل البلاد”، كما أعلن في سياق حديثه عن تحديد موعد الانتخابات العامة في 17 ديسمبر المقبل. وفي السياق ذاته، أكد الرئيس التونسي المؤقت، المنصف المرزوقي أن ”تونس تخوض حربا ضد الإرهاب”، مضيفا في حديثه صباح أمس خلال إشرافه على مراسم تأبين الجنود المغتالين أنه ”حان الوقت للطبقة السياسية أن ترتقي إلى تضحيات عناصر الجيش الوطني وأن تعلي مصلحة الوطن على أية مصالح أخرى”، في إشارة إلى التراجع عن المطالبة باستقالة الحكومة لما سينجر عنه من ”فوضى”. وعلى الرغم من توافق تصريحات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، إلا أن عملية الشعانبي الإرهابية هزت أركان التحالف الحكومي الثلاثي، بالنظر لتصريحات وزير الداخلية، لطفي بن جدو، الذي أعلن على موجات إذاعة ”موزاييك” التونسية استعداده لتقديم الاستقالة، مدافعا عن مطالب المعارضة في تشكيل حكومة ”وحدة وطنية لإخراج البلاد من الأزمة التي تمر بها”. وما زاد من تعقيد أزمة حكومة التحالف البيان الذي أصدره حزب التكتل التونسي، الشريك في حكومة الترويكا وحليف حركة النهضة، إذ طالب هو الآخر بإعادة النظر في التحالف الحكومي ”الوحدة الوطنية واجب على جميع أبناء الشعب التونسي من كل الاتجاهات السياسية، وندعو جميع الأحزاب والمنظمات إلى تحمل مسؤولياتها حيال الشعب التونسي وإلى تشكيل حكومة وحدة وطنية”، وإن لم يتطرق إلى انسحابه من الترويكا. وبينما تسعى المعارضة السياسية جاهدة إلى الضغط على الحكومة من أجل الاستقالة، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل انضمامه للدعوات المطالبة باستقالة الحكومة، الأمر الذي أكده الأمين العام للاتحاد، حسين العباسي، الذي قال إن المرحلة الحالية تستوجب استقالة حكومة الترويكا والحفاظ على المجلس الوطني التأسيسي لإنهاء المرحلة الانتقالية. وفي ظل هذه التطورات السياسية والأمنية، أكدت مصادر مقربة من حركة النهضة وجود نقاش حاد في صفوف الحزب حول إمكانية قبول فكرة حكومة وحدة وطنية في محاولة لتجنيب البلاد سيناريو الفوضى والعصيان المدني.