يتأكّد على القويّ المُستطيع المبادرة بحجّة الإسلام، ثمّ يستحبّ له بعد ذلك أن لا يترك التطوّع بالحجّ، قال بعض السّلف رحمة اللّه عليهم: ”أقلُّ ذلك أن لا تمر عليه خمسة أعوام إلاّ ويحجّ فيها حَجَّةً”، وقد بلغنا عن اللّه تعالى أنّه قال: ”إنّ عبدًا صَحَّحْتُ له جسمه، ووسَّعتُ عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام ولم يفِدْ عليَّ لَمحروم”، أخرجه أبو يعلى وابن حِبَّان في صحيحه وعبد الرّزّاق في مصنّفه من حديث أبي سعيد رضي اللّه عنه. قلت: وإنّما ينبغي للمسلم القادر الاستكثار من الحجّ لما فيه من التّعظيم لحُرمات اللّه وشعائره الّتي تعظيمها من تقوى القلوب، ولما فيه من الفضل العظيم الّذي وردت به الأخبار، قال صلّى اللّه عليه وسلّم: ”أفضل الجهاد الحَجُّ” أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي اللّه عنها، وقال عليه الصّلاة والسّلام: ”إنّ الحجَّ يهدِمُ ما قبله” أخرجه مسلم وابن خُزيمة من حديث عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما. وقال عليه الصّلاة والسّلام: ”مَن حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه” متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه. والرَّفَث والفُسوق شيئان جامعان للأقوال والأفعال القبيحة، وقال عليه الصّلاة والسّلام: ”العُمرة إلى العمرة كَفَّارة لما بينهما، والحجُّ المَبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة” متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه.