متى تتحول حكومة “الوسواس” عندنا في الجزائر إلى حكومة “ذكية” تسهل على المواطن قضاء حوائجه دون الاضطرار للوقوف في طوابير أو منح رشوة بمائتي دينار لسحب ألفي دينار من حسابه البريدي؟ بصراحة: اندهشت أيما دهشة من التطور التكنولوجي الذي وصلت إليه حكومة دبي في مجال “الحكومة الذكية”، وللأمانة، فدبي تتقدم كل المدن وكل الدول العربية وليس فقط الجزائر، في مجال التطور التكنولوجي. ويُنتظر منتصف عام 2014 استكمال التحول نحو إجراء كل المعاملات التي تخص الانشغالات اليومية لأي شخص عبر هاتف ذكي. انشغالات عديدة جدا منها على سبيل المثال فقط: تسديد فاتورة الكهرباء والغاز، حجز موعد عند الطبيب، دفع غرامات مخالفات السير، متابعة قضية ما في المحكمة، التبرع للمحسنين، حجز تذكرة سفر.. وحتى التعليق على خطبة الجمعة. ومبدأ هذه الخدمة الذكية يعتمد على أمر بسيط هو هاتف ذكي مزود بخدمة أنترنت عالي السرعة، كالتي تعتزم الجزائر إدخالها شهر ديسمبر المقبل.. لكن بعد 11 سنة من “تحرير” قطاع الهاتف الجوال. وهنا، أكاد أشعر بالكم الهائل من السخرية التي يطلقها القراء وهم يقرأون المقارنة بين الجزائرودبي، ولسان حالهم يقول إن بوركينافاسو التي تكرمت الجزائر بمسح ديونها مؤخرا وننتظرها في ملعب البليدة الشهر الداخل، هي أفضل حالا من الجزائر فيما يخص “الجيل الثالث” وتدفق الأنترنت. والقراء لهم كامل الحق في السخرية من حكومة تزعم أنها منعت الجيل الثالث كل هذه السنوات، بحجة “الأمن القومي”، في حين كانت الجزائر أول دولة عربية تفتح فضاءها أمام “الهوائيات المقعرة”. فحكومة “الوسواس” من كل شيء في الجزائر، تظن أن الشعب البسيط لا يعرف أن تقنيات التجسس تتغير كما تتغير فيروسات الهواء، ولهذا ليس مقنعا البتة أن عدم اعتماد بطاقات هوية إلكترونية مرده هو حفظ بيانات ومعلومات الجزائريين، بقدر ما يتعلق الأمر ب«وسواس” لدى مسؤول كبير في رئاسة الجمهورية، طلب تجميد المشروع إلى وقت لاحق، ولا نعرف متى يفرج عنه؟ والغريب في حكومة “الوسواس” هذه، أن أحد وزرائها المعمرين، عندما زار دبي قبل أشهر قليلة، لم يخجل من نفسه وهو يعبر عن دهشته الشديدة من التطور الذي وصلته هذه المدينة، رغم أنه كان وزيرا مسؤولا عن تطوير البنى التحتية والصناعة والاستشراف. وبالنسبة لي، أتفهم التحفظ على معلومات المؤسسات الأمنية وما يتصل بها، كما هو الشأن في كل بلاد العالم، لكن أن يتم منع تداول الخدمات الإلكترونية المتصلة بحياة الناس اليومية، كسحب النقود واستخراج الوثائق، وتحويل الأموال، ودفع الفواتير وغيرها من الحاجات اليومية، بحجة “الأمن القومي” ومنع التجسس، فهذه نكتة في زمن “تويتر” و”فايسبوك”.