فُرضَت الزّكاة على الرّجال والنّساء سواء، متَى تحقّقت أسبابها وشروطها من ملك النِّصاب وحولان الحول والفضل عن الحوائج الأصلية. ولا فرق بين الرّجل والمرأة في وجوب الزّكاة كما دلّت على ذلك النّصوص الموجبة للزّكاة كما في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} البقرة:43، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّه فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} التوبة:34-35. قال سيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمُعاذ رضي اللّه عنه عندما بعثه إلى اليمن: ”أعلمهم أنّ اللّه افترض عليهم صدقة في أموالهم تُؤخَذ من أغنيائهم وتُردّ على فقرائهم” رواه البخاري. إنّ وجوب الزّكاة من المعلوم في دين الإسلام بالضّرورة في ديار المسلمين، ويجب على مَن جهل أن يسأل أهل العلم، يقول اللّه تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} النّحل:43. واعلموا أنّ العِلم بالزّكاة وأحكامها العامة فرض في حقّ مَن وجبت عليه، مصداقًا لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ”طلب العلم فريضة على كلّ مسلم”، رواه ابن ماجه وغيره وهو حديث صحيح. قال العلامة ابن عابدين في حاشيته نقلاً عن العلامي في فصوله: ”من فرائض الإسلام تعلّم ما يحتاج إليه العبد في إقامة دينه وإخلاص عمله للّه تعالى ومعاشرة عباده، وفرض على كلّ مكلّف ومكلّفة بعد تعلّمه علم الدّين والهداية تعلّم علم الوضوء والغسل والصّلاة والصّوم وعلم الزّكاة لمَن له نصاب والحجّ لمَن وجب عليه، والبيوع على التّجار ليحترزوا عن الشُّبهات والمكروهات في سائر المعاملات، وكذا أهل الحِرف وكلّ مَن اشتغل بشيء يفترض عليه علمه وحكمه ليمتنع عن الحرام فيه”. وقال الإمام القرافي: ”إنّ الغزالي حكى الإجماع في إحياء علوم الدّين، والشّافعي في رسالته حكاه أيضًا في أنّ المكلّف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتّى يَعلم حُكم اللّه فيه، فمَن باع وجب عليه أن يتعلّم ما عينه اللّه وشرعه في البيع، ومن آجّر وجب عليه أن يتعلّم ما شرعه اللّه تعالى في الإجارة، ومَن قارض وجب عليه أن يتعلّم حكم اللّه تعالى في القِراض، ومَن صلّى وجب عليه أن يتعلّم حكم اللّه تعالى في تلك الصّلاة، وكذلك الطّهارة وجميع الأقوال والأعمال، فمَن تعلّم وعمل بمقتضى ما علم فقد أطاع اللّه طاعتين، ومَن لم يعلّم ولم يعمل فقد عصى اللّه معصيتين، ومن علِم ولم يعمَل بمقتضى علمه فقد أطاع اللّه تعالى طاعة وعصاه معصية”. والزّكاة واجبة عن كلّ السّنوات الّتي لم يُزكِ فيها المسلم، ما دام أنّه قد ملك نصابًا وتحقّقت شروط وجوب الزّكاة، فعليك أن تؤدّي زكاة مالك عن السنوات الماضية كلّها ولا تبرأ ذمّتك إلاّ بذاك. قال الإمام النووي رحمه اللّه تعالى: ”إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزّكاة عن جميعها، سواء علم وجوب الزّكاة أم لا، وسواء كان في دار الإسلام أم دار الحرب”. فعلى المسلم أو المسلمة أن يحسبوا أموالهم في كلّ سنة مضت ويزكوا عن كلّ سنة.