يركز السياسيون وأشباه الأحزاب هذه الأيام على مسألة العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، والحقيقة أن بوتفليقة لا يريد عهدة رابعة لنفسه، فلو كان يريد عهدة رابعة لنفسه لهان الأمر. لكن بوتفليقة يريد عهدة رابعة لغيره عبره هو! المسألة إذن ليست في إعلان نية بوتفليقة في عهدة رابعة بل المشكلة هي تعديل الدستور بواسطة برلمان منقوص الشرعية يتم خلال هذا التعديل إعطاء الرئيس الحق في أن يعين نائبه.. وإعطاء هذا النائب الحق في أن يكمل عهدة الرئيس إذا انسحب، فالمسألة إذن ليست في عهدة رابعة لبوتفليقة بل المسألة في هذا “الترابندو” الدستوري الذي يراد به سحب قضية تعيين الرئيس القادم للجزائر من أصحاب الحق الإلهي الذين احتكروا هذا الأمر مدة 50 سنة كاملة.. وسحب هذا الحق الشكلي من الشعب أيضا، وإسناد المهمة لجهة أخرى هي الرئيس ومحيطه. تمدين الحكم الذي يتحدث عنه أنصار العهدة الرابعة يعني سحب حق تعيين الرئيس من العسكر وتسليمه إلى الشعب.. لكن الذي يحصل الآن هو سحب هذا الحق من العسكر ومن الشعب معا. وإسناده لجهة ثالثة لا علاقة لها بالشعب. مسألة استخدام العهدة الرابعة في إبعاد الجيش والشعب معا في تعيين الرئيس، والقيام بانجاز تعديل دستوري يسمح بممارسة “الترابندو” الدستوري هي المشكلة الجديدة في الجزائر، وهي أخطر على النظام التأسيسي الوطني من حكاية التزوير التي كانت تمارسها الجهات التي تعين الرئيس. لعله من الغرابة الدستورية في العالم أن الرئيس بوتفليقة يقوم بتعديل دستوري يعطي فيه الحق للنساء بأن تكون لهم كوطة في البرلمان وفي الأحزاب، ويتم ذلك خارج إرادة الشعب. بل يتم بإرادة برلمان قيل إن الرئيس رفع أجور نوابه لهذا الغرض! ثم يقوم البرلمان الذي سمح بتغيير الدستور بهذه الطريقة بالموافقة على تغيير الدستور مرة أخرى لصالح الرئيس وإعطائه الحق في تعيين من يحكم الجزائر باسم الرئاسة عوض الشعب! وبالتعبير الدارج لممارسة حكاية “شيلي ونشيلك” دستوريا! كان على الأحزاب وأشباه السياسيين أن لا يعارضوا العهدة الرابعة للرئيس، بل يعارضون تعديل الدستور بالحفافات، وإعطاء الرئيس الحق في أن يعين الرئيس الذي يخلفه بهذه الطريقة المضحكة! هل فهمتم الآن لماذا يتحدث الناس عن العهدة الرابعة أكثر مما يتحدثون عن نائب الرئيس الذي يعينه الرئيس ليخلف الرئيس بدون انتخابات؟!