نطالب بمحكمة دولية للتحقيق في مقتل عرفات على غرار ما حدث مع رفيق الحريري تنازلنا عن التوقيع على اتفاقيات دولية من أجل تحرير 104 أسير نزل الدكتور واصل أبو يوسف، الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ضيفا على “الخبر” رفقة وفد ضم عضو المكتب السياسي تيسير أبو بكر وممثل الجبهة في الجزائر محمد مصدق الخضراء، وتم إجراء الحوار التالي معه، حول مختلف القضايا الفلسطينية. ماذا حققت منظمة التحرير للشعب الفلسطيني منذ أوسلو إلى اليوم؟ منظمة التحرير الفلسطينية مرت بالعديد من المفاصل الصعبة على صعيد محاولة شطبها سواء في داخل الوطن أو خارجه، والعالم حاول التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية إنسانية وليست سياسية، واستطاعت منظمة التحرير الفلسطينية أن تنتزع تمثيلها للشعب الفلسطيني، مع أخذ موازين القوى العالمية في الحسبان، وتم تحديد برنامجها على عدة أسس وهي، حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وحق تقرير مصير الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، ومنظمة التحرير الفلسطينية استطاعت أن تضع للشعب الفلسطيني كينونته وهويته، وربما لم يتم إنجاز الحلم الفلسطيني ولكن شكلت ثوابت الشعب الفلسطيني، المتمثلة في حق العودة وحق إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، إجماعا وطنيا فلسطينيا. لكن لحد الآن لم تتمكن منظمة التحرير الفلسطينية من احتواء حركتي حماس والجهاد، لماذا؟ منظمة التحرير الفلسطينية انضوى تحت لوائها كل فصائل العمل الكفاحي، ومعروف أن الحركات الإسلامية تشكلت بعد ذلك في أواخر الثمانينات، وكانت محل اهتمام الرئيس الراحل ياسر عرفات لضمها إلى منظمة التحرير الفلسطينية، للوصول إلى هذا القاسم المشترك، وحدثت لقاءات في السودان وغيرها، وبعد العودة إلى داخل الوطن، تم الاتفاق بشأن كيفية الاتفاق مع الحركات الإسلامية حول البرنامج الوطني وجاء اتفاق القاهرة في مارس 2004، والذي أكد وحدانية التمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية، وللأسف حصل انقلاب حركة حماس في غزة ثم استؤنفت المفاوضات في ماي 2011 تحت ما سمي “بالورقة المصرية” من أجل إنهاء الانقسام، وكان من بين بنود هذا الاتفاق، الانضواء تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة من أجل تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية، ولكن لم يتم تسمية رئيس الحكومة إلا في فيفري 2012، حيث تم الاتفاق على أن يترأس أبو مازن الحكومة ولكن التغييرات الإقليمية لم تسمح بتنفيذ هذا الاتفاق. بعد ظهور التقارير الطبية السويسرية والروسية والفرنسية حول أسباب وفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات، أصبح من شبه المؤكد أنه مات مسموما رغم ما تضمنه التقرير الفرنسي من استنتاجات، كيف ستتصرفون إزاء هذا الوضع؟ ما تعرض له الشهيد ياسر عرفات موضوع هام للشعب الفلسطيني ولكل حركات التحرر في العالم، وبالتالي فمنذ البدايات الأولى لحصار ياسر عرفات في رام الله كانت هناك نية لاغتياله، وأهم ما جرى في الاتصال بين الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون كان حول إزاحة الشهيد ياسر عرفات، والسبب تمسك عرفات بثوابت شعبه، وكانوا يعتقدون أنه بإزاحة عرفات يمكنهم الحصول على تنازلات من اللحظة الأولى لإرسال عرفات إلى مستشفى بيرسي العسكري، الذي تحدث عن حالة غير طبيعية، منها ظهور بقع حمراء على جسم عرفات ونقص كريات الدم الحمراء، وهذه الأعراض تشبه حالات التسمم، وجاء في تقرير مستشفى بيرسي أنه لم يمت بسبب مرض معروف أو لكبر السن، ولكن بسبب حالة من التسمم، ومنذ اللحظة الأولى كنا ندرك أن الاحتلال الإسرائيلي يقف وراء موت عرفات، وقد شكلت السلطة الفلسطينية لجنتي تحقيق في هذا الشأن، إحداها كانت تحت إشراف طبيب عرفات الخاص، وبعد تحقيق قناة الجزيرة الشهير بموافقة زوجة عرفات بإعطاء بعض أغراضه لتحليلها في مستشفى سويسري، تم اكتشاف تعرض عرفات لمادة البولونيوم المشع، وتم على إثر ذلك رفع دعوى قضائية، ومن ثم وافقت السلطة الفلسطينية على فتح قبر عرفات، وأخذت لجان طبية متخصصة من سويسرا وروسيا وفرنسا عينات من رفات عرفات، فكشف التقرير السويسري عن 8 إلى 12 ضعفا من البولونيوم الذي تعرض له عرفات. أما التقرير الروسي فتحدث عن شيء مشابه، ولكن ليس بنفس الدقة، وفي فرنسا صدر تقرير يتناقض مع تقرير مستشفى بيرسي الفرنسي، وهذا يؤكد أن ياسر عرفات تعرض للتسمم، وقد طلبنا تدويل هذا الملف وتشكيل لجنة تحقيق دولية على غرار تلك التي شكلت للتحقيق في اغتيال رفيق الحريري، كما ذهبنا إلى مجلس الأمن من أجل هذا الهدف. في ملف الأسرى، ماذا فعلت منظمة التحرير الفلسطينية من أجل إطلاق سراح آلاف الأسرى من السجون الإسرائيلية؟ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يبلغ حاليا خمسة آلاف أسير، ومؤخرا تمت الموافقة على صفقة أمريكية لإطلاق سراح 104 أسير فلسطيني من قدماء الأسرى الذي اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاق أوسلو مقابل ثمن مجحف، وهو ألا يذهب الفلسطينيون إلى الأممالمتحدة لاستكمال إجراءات انتخاب فلسطين كدولة مراقبة في الأممالمتحدة كانضوائها في مختلف المنظمات التابعة للأمم المتحدة والتوقيع على الاتفاقيات الدولية منها اتفاقية جنيف التي تعتبر سجن أسير جريمة حرب، والانضمام أيضا إلى محكمة الجنايات الدولية في روما من أجل رفع دعوى قضائية ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين. وهل تنازلت فلسطين لفترة محددة أو دائمة عن حقها في التوقيع على هذه الاتفاقيات الدولية؟ هذا التنازل كان لمدة تسعة أشهر، أي إلى غاية 29 أفريل 2014، مقابل إطلاق سراح 104 أسير، ولكن نتنياهو رفض إطلاق سراحهم مرة واحدة، وتم إبعاد بعضهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية، أو إلى قطاع غزة، في حين رفض إطلاق سراح أسرى القدس وأسرى 1948، لكن رفضت هذه الشروط، غير أن نتنياهو استطاع تقسيمهم على أربع دفعات، حيث أطلق سراح 26 منهم، ثم أطلق الشهر الماضي سراح 26 آخرين، وسيتم إطلاق دفعة ثالثة من الأسرى في نهاية جانفي المقبل، أما الدفعة الأخيرة فستكون في مارس، وممثل جبهة التحرير الفلسطينية في الجزائر محمد مصدق الخضراء هو أحد الأسرى المحررين والذي قضى ست سنوات في السجون الإسرائيلية. ما هو موقف منظمة التحرير الفلسطينية من الوضع في سوريا وما اصطلح عليه “بالربيع العربي”؟ منظمة التحرير الفلسطينية حذرت منذ البداية من التدخل في شؤون البلدان العربية، وهذه السياسة تعكس أهمية الإجماع العربي في دعم القضية الفلسطينية، ونحن كمنظمة تحرير نبارك ونؤيد مطالب الشعوب العربية في التحرر والديمقراطية، ونرفض أي تدخل خارجي أو محاولة للاعتداء على أي بلد عربي أو السعي لتقسيمه، ونحن مع تطلعات الشعب السوري مع الحفاظ على مقدرات سوريا ورفض أي تدخل خارجي وندعو إلى حل الأزمة بطرق سلمية لا عسكرية.