الأستاذ فضيل بومالة أصدر مبادرة أسماها “دستورنا” وطلب رأيي في ملامح الدستور الذي نريده للجزائر الحديثة، وهذا رأيي فيما ينبغي أن يكون في الدستور القادم. أولا: إلغاء فكرة أن الرئيس من حقه أن يعبث بالدستور بالتغيير أو الإثراء أو التعديل متى شاء وكيفما شاء ودون مساءلة من أي جهة كانت. نحن نتذكر أن دستور 1976 كانت فيه بعض المواد تمنع الرئيس أو أي جهة تريد تعديل الدستور من أن تمس بالطابع الجمهوري للدولة الجزائرية.ǃ لكن نحن نرى الآن أن الرئيس بوتفليقة مس بهذه المادة في العمق، عندما حوّل الرئاسة عمليا وليس نظريا إلى مؤسسة عائلية، وكيّف الدستور ومؤسسات الدولة بما يسمح له بالحكم مدى الحياة كالأمراء والملوك، وهو تغيير عملي لطبيعة الحكم حتى ولو تمت العملية نظريا في إطار الدستور، فالرئيس بوتفليقة لم يغير الدستور لفتح العهدات فقط، بل غير طبيعة الحكم نفسه خارج كل القوانين والقيم الجمهورية.ǃ ثانيا: أنا أحلم بدستور يكرس عمليا ونظريا مبدأ السيادة ملك للشعب وحده ويمارسها بحرية التفويض لمن يشاء ولا حدود لممارسته هذه السيادة، وأن التحايل والتزوير لإرادة الشعب والعبث بحقه السيادي في تعيين المسؤولين ومراقبتهم وعزلهم يعد جريمة يعاقب عليها القانون مهما كانت درجة من يقوم بهذا العمل. ثالثا: أحلم بدستور يضع كل مؤسسات الدولة وكل المسؤولين تحت طائلة المساءلة الدورية، وفي مقدمتهم الرئيس والجيش، لأنه لا يعقل أن يبقى الرئيس 50 سنة كاملة غير قابل للمساءلة من أي جهة كانت، وكذلك مؤسسة الجيش التي حتى الآن دستوريا هي فوق الدستور ولا تسأل عما نفعل من أي جهة، حتى الرئيس نفسه لا يستطيع مساءلتها؟ǃ رابعا: إنهاء حالة ازدواجية القضاء المكرسة في نظامنا القضائي الذي يحمي الوزراء والولاة والمسؤولين الكبار من المساءلة أمام المحاكم العادية ولا يسمح بمتابعتهم إلا بترخيص من القاضي الأول في البلاد للمحكمة العليا.ǃ أي إنهاء حالة حماية الفساد القضائي بواسطة القانون. خامسا: أحلم بدستور يقول: لا حدود لحرية المواطن إلا حدود المساس بحرية الآخرين، وفي هذا تستوي حرية الاقتصاد وحرية الإعلام والحريات الشخصية وحرية التعبير، والحريات السياسية وحرية التنظيم. قد تكون هذه الأمور أحلاما لنا وكوابيس للسلطة يا صديقي بومالة وقد نتهم من طرف السلطة بممارسة العمالة للخارج عبر ممارسة الحلم غير المرخص به. [email protected]