الحياة في رحاب الله وبالقُرب منه تزيد صاحبها أمنًا وسعادة، بل وتجعل من مرّ البلاء طمأنينة قلبية وسكينة نفسية، ذلك أنّ المؤمن يدرك تمام الإدراك أنّ ما أصابه لم يكن ليُخطئه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبه، فيكون بذلك راضيًا عن الله وعن مساره في الحياة. عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كلّه له خير، وليس ذاك لأحد إلاّ للمؤمن، إن أصابته سَرّاء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضَرّاء صبر فكان خيرًا له” أخرجه مسلم عن أبي يحيى صهيب بن سنان الرومي. والواقع أنّ كثيرًا ممّا يصيب الإنسان اليوم من أزمات نفسية وعلل عضوية وانعدام الثّقة بين النّاس وكثرة العداوة، ناتج عن نسيان الله والبعد عنه، قال تعالى: {ولا تكونوا كالّذين نَسُوا اللهَ فأنسَاهُم أنفُسَهم أُولئك هُم الفاسقون} الحشر:19. وقال عزّ وجلّ: {وَمن أعْرَض عن ذِكري فإنّ له معيشة ضَنكًا ونحشُرَه يومَ القيامة أعْمَى} طه:124، وهو ما يطلق عليه علماء التّزكية: ضعف الإيمان، وذلك راجع لسببين: أنّ طبيعة الحياة هي كذلك مزيج بين حلو ومرّ، بين سرّاء وضرّاء، لا تكاد تصفو لأحد من النّاس. وأنّ طبيعة حياة الإنسان اقتضت ذلك بالفطرة والجِبٍلّة، فالكمال لله وحده، أمّا المخلوقات فيعتريها النّقص والضّعف، قال جلّ وعلا: {وخُلِقَ الإنسان ضعيفًا} النّساء:28. فمَن أدرك هذه الحقيقة مُقرًّا بضعفه وعجزه، إذ تؤذيه شوكة، وترديه حفرة، فينهار أمام الملمّات والأزمات، كان لزامًا عليه أن يحوِّل الضّعف إلى قوّة، واليأس إلى أمل، والسّخط إلى رِضًى، وكلّ ذلك لا ولن يتأتَّى إلاّ إذا لجأ العبدُ إلى مولاه، مَن إليه يرجع كلّه: {يا أيّها النّاس أنتُم الفقراء إلى الله والله هو الغنيّ الحميد} فاطر:15.