توالت التصريحات التي تنفي من أكثر من جهة، نية الجزائر التدخل عسكريا في ليبيا، لإعادة فرض الأمن في هذا البلد الذي تتصارع فيه الميليشيات المسلحة. ومع أن مسألة تدخل الجيش الجزائري كانت مستبعدة بالنظر إلى عقيدته العسكرية التي ترفض العمل خارج الحدود، إلا أن تكرار نفي هذه المعلومة من مصادر رفيعة، أكد ضمنيا صحة الدعوات التي وجهتها السلطات الليبية إلى الجزائر لمواجهة حالة الانفلات الذي تعيشه الجارة الشرقية. أوضح مصدر دبلوماسي جزائري أن الجزائر رفضت عرضا تقدمت به أطراف ليبية، ويحظى بدعم دول عربية وغربية؛ للتدخل عسكريًا في ليبيا تحت غطاء عربي وأممي. وأبرز المصدر لوكالة “الأناضول”، مفضلًا عدم الكشف عن هويته: أن “أعضاء في البرلمان الليبي المنتهية ولايته، ولهم ثقل سياسي، ومسؤولين سابقين في الحكومة الليبية (لم يسمهم) زاروا الجزائر نهاية جوان الماضي وطلبوا تدخلًا عسكريًا جزائريًا لفرض الشرعية في العاصمة طرابلس وطرد الميليشيات المتناحرة في محيط المطار. وأضاف أن “المسؤولين الليبيين قدموا للجزائر مبادرة تتضمن تدخلًا عسكريًا جزائريًا تحت غطاء الجامعة العربية والأمم المتحدة، وهي المبادرة التي لقيت، حسبهم، قبول الحكومة المصرية وكل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية”، من دون أن يحدد بقية الدول العربية الداعمة لهذا التوجه. وأوضح المصدر أن كبار المسؤولين في الجزائر “أبلغوا المبعوثين القادمين من ليبيا أن الجزائر ترفض التدخل عسكريا خارج حدودها حتى ولو تحت غطاء دولي أو بدعوة من البلد المعني”. ومعروف أن الجزائر ضد التدخل في الشؤون الداخلية للدول وضد التدخل الخارجي في المنطقة. من جهته أفاد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أنه لا يوجد مخطط لبلاده والجزائر للتدخل عسكريا في ليبيا. وقال شكري، في مؤتمر صحفي عقده مع رئيس الحكومة التونسية، مهدي جمعة، بعد لقاء خصصه لبحث قضية تدفق المصريين من ليبيا إلى الحدود التونسية هربا من القتال الدائر بذلك البلد، إن ما وصفها ب«محاولات إثارة الفتنة” بين تونس ومصر لن تنجح، مضيفا أن العلاقة الثنائية عميقة، ولن تتأثر بمحاولات الإضرار بها. ونفى وزير الخارجية ما تم تداوله حول التحضير لتدخل عسكري جزائري مصري لمواجهة الجماعات المسلحة في ليبيا، مؤكدا دعم بلاده لخيار الحوار السياسي، لافتا في هذا الصدد “ليس هناك أي حديث في الوقت الراهن عن أي نوع من التدخل للجيش المصري في التراب الليبي الذي تبقى مهمته الرئيسية حماية أمن مصر واستقرارها”. وذكر في المقابل وجود تعاون وتنسيق أمني بين الدول المجاورة لليبيا من بينها تونسوالجزائر والنيجر، مذكرا بتشكيل لجنة إفريقية أمنية لمواجهة كافة التحديات في المنطقة بسبب الأوضاع المتأزمة في ليبيا. نقلت وسائل إعلام ليبية عن مصادر خاصة، منذ أيام، أنّ رئيس حزب تحالف القوى الوطنية في ليبيا، محمود جبريل، ورئيس اللجنة التسييرية في الحزب، عبد المجيد مليقطة، قاما بزيارة إلى الجزائر نهاية الأسبوع الماضي، وطلبا من الحكومة الجزائرية رعاية مفاوضات بين حزبهما وبين قادة قوات ما يُعرف بعملية “فجر ليبيا” في العاصمة طرابلس، المعارِضة للواء المتقاعد خليفة حفتر، لبحث كيفية الخروج من الحرب في العاصمة طرابلس، لكن الجزائر لم تعلن رسميا عن أي زيارة لأي شخصية ليبية في الآونة الأخيرة للجزائر.