فرض التأييد الخارجي والداخلي الذي حظيت به خطوة الرئيس العراقي في تعيين حيدر العبادي بدل المالكي على هذا الأخير، إعلان تنحيه أو سحب ترشيحه، كما قال في خطاب متلفز، حيث برر المالكي هذه الخطوة بتسهيل سير العملية السياسية ولتشكيل الحكومة حفاظا على المصالح العليا للبلاد. وتابع المالكي أن محاولاته للبقاء في السلطة كانت نابعة من حقه في ذلك والدستور، وأنه استبعد خيار القوة لتفادي العودة إلى الحكم الدكتاتوري. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بقرار رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، داعيا إلى تشكيل حكومة موسعة، فيما وصفته الولاياتالمتحدة الأميركية ب«القرار المشرّف”، معتبرة إياه تهيئة لانتقال تاريخي وسلس للسلطة في العراق. ورغم انفراج الأزمة السياسية، يبقى الوضع الأمني منفلتا، خاصة في الشمال، أين يشن مسلحون على رأسهم “داعش”، هجمات على عدة مناطق، ما دفع بحكومات أوروبية عديدة كفرنسا وألمانيا وجمهورية التشيك وهولندا والنمسا، إلى دعم فكرة تزويد الأكراد بالأسلحة، وهو ما رحب به الاتحاد الأوروبي في اجتماعه، أمس. وفي هذا السياق، أعلن وزير خارجية النمسا سباستيان كورتس عقب مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، أن المساهمة في التحرك العسكري وتسليح العراقيين في الشمال، أمر شرعي وضروري، شريطة توخي الحذر من أن يكون مآل هذه الأسلحة بين أيادي “داعش”. وسارت ألمانيا على خطى جارتها النمسا، بإرسالها، أمس، طائرة ستحط بأربيل عاصمة إقليم كردستان، محمّلة بالمواد الغذائية والأدوية والأغطية لآلاف الأشخاص النازحين من بيوتهم هربا من مسلحي “داعش”، كما قالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لين، إن بلادها تنظر أيضا في إمكانية تقديم معدات عسكرية، وليس أسلحة، لأن القوات العراقية تدربت على أسلحة الاتحاد السوفيتي سابقا. ونقلت بي.بي.سي عن مصادر حكومية بريطانية، أن الأكراد لم يطلبوا حتى الآن مساعدة مباشرة من بريطانيا، لكن أي طلب سيدرس بعقل مفتوح، في الوقت الذي طالبت فيه واشنطن الدول الأوروبية بتزويد القوات الكردية بالأسلحة والذخيرة. وبدأت تركيا في نصب مخيمين يتسعان لعشرة آلاف شخص، ليتمكن النازحون من قضاء فصل الشتاء فيه، ولإيواء عدد أكبر من النازحين العراقيين. وناشد رئيس إقليم كردستان المجتمع دعم العالم الحر ليتمكن من حماية النازحين ومحاربة “الإرهاب”، متأسفا من موقف الحكومة العراقية “السابقة” لمعارضتها تسليح قوات البيشمركة. وكتبت صحيفة “الغارديان” البريطانية، أمس، محذرة من مخاطر التسليح المباشر لإقليم كردستان بشكل مباشر دون التنسيق مع بغداد لصد هجمات ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية، موضحة أنه سيساعد من ترسيخ أفكارهم وقدراتهم الانفصالية، ما يهدد وحدة العراق، رغم أنه سيحسن في أحوال الأقليات هناك. وأشارت صحيفة “النيويورك تايمز”، في افتتاحيتها “منذ ثماني سنوات عملت الولاياتالمتحدة على تعيين المالكي رئيسا لوزراء العراق خلفا لإبراهيم الجعفري، الذي اتهم حينها بالانحياز للشيعة على حساب السنة، تماما كما هو حال خلفه نوري المالكي اليوم”. من جهتها، طالبت النائب في البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، عالية نصيف، أول أمس، الاتحاد الأوروبي بالعدول عن قرار تسليح الأكراد، مشبهة العملية بصفقات التسليح بين المافيا والجماعات القومية في دول إفريقية وأسيوية التي تشهد نزاعات قبلية أو عرقية، مشيرة إلى أن أي صفقة يبرمها الإقليم هو بمثابة خرق للدستور العراقي. وأوضحت البرلمانية في مجلس النواب العراقي، فيان دخيل، أن الإيزيديون الفارون من هجمات داعش، أمام خيارين، إما العيش في مناطق آمنة تحدد من قبل الأممالمتحدة أو حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو اللجوء إلى بلدان أخرى، مشيرة إلى أن الشباب الإيزيديين مستعدون لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، إذا ما توفر لهم ذلك.