وللحجّ فوائد شخصية وجماعية، فهو يكفّر الذّنوب الصّغائر ويطهّر النّفس من شوائب المعاصي. وقال بعض العلماء كبعض الحنفية: والكبائر أيضًا. واستدلّوا بالحديث ”العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة”، ولما رواه البخاري ومسلم قوله صلّى الله عليه وسلّم ”مَن حجّ فلم يرفث ولم يفسُق رجع كيوم ولدته أمّه”، ولما رواه النّسائي قوله صلّى الله عليه وسلّم ”الحجّاج والعُمَّار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غَفر لهم”. فالحجّ يغفر الذّنوب، ويزيل الخطايا إلاّ حقوق الآدميين، فإنّها تتعلّق بالذّمّة، حتّى يجمع الله أصحاب الحقوق، ليأخذ كلّ حقّه. والحجّ يطهّر النّفس، ويعيدها إلى الصّفاء والإخلاص، ما يؤدّي إلى تجديد الحياة، ورفع معنويات الإنسان، وتقوية الأمل وحسن الظنّ بالله تعالى. ويقوي الحجّ الإيمان، ويعين على تجديد العهد مع الله، ويساعد على التّوبة ويهذّب النّفس، ويرقّق المشاعر ويهيج العواطف نحو بيت الله العتيق. ويذكّر الحجّ المؤمن بماضي الإسلام التليد، وبجهاد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والسّلف الصّالح الّذين أناروا الدّنيا بالعمل الصّالح. والحجّ كغيره من الأسفار يعوِّد الإنسان على الصبر وتحمّل المتاعب، ويعلم الانضباط والتزام الأوامر، فيستعذب الألم في سبيل الله تعالى، ويدفع إلى التّضحية والإيثار. وبالحجّ يؤدّي العبد لربِّه شُكر النِّعمة: نعمة المال، ونعمة العافية، ويغرس في النّفس روح العبودية الكاملة، والخضوع الصّادق لشرع الله ودينه. وأمّا فوائد الحجّ الجماعية فهو يؤدّي إلى تعارف أبناء الأمّة على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأوطانهم، وإمكان تبادل المنافع الاقتصادية الحرّة فيما بينهم، والمُذاكرة في شؤون المسلمين العامة، وتعاونهم صفًا واحدًا أمام أعدائهم معًا يدخل في معنى قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا منافع لهم}. ويُشعر الحجّ بقوّة الرابطة الأخوية مع المؤمنين في جميع أنحاء الأرض وحسّ النّاس أنّهم حقًّا متساوون، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلاّ بالتّقوى. ويساعد الحجّ على نشر الدعوة الإسلامية ودعم نشاط الدعاة في أنحاء المعمورة على النّحو الّذي بدأ به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نشر دعوته بلقاء وفود الحجيج كلّ عام. الشيخ العربي زين الدين عضو المجلس العلمي لمدينة الجزائر