فقدت السينما الجزائرية، أمس، إحدى ركائزها، المخرج رونيه فوتي، الذي فارق الحياة بمستشفى سان مالو في منطقة بريتاني، شمال غربي فرنسا، عن 87 سنة. رونيه فوتي الذي لقب ب«صديق الثورة الجزائرية” ولد في 15 يناير 1928 بفينيستار (غربي فرنسا)، كما درس السينما في معهد الدراسات السينمائية ليكرس عدسته بعدها لخدمة القضايا العادلة في وقته، وتصوير معاناة الجزائريين إبان الاستعمار. ومن أبرز أعماله التي عالجت الثورة الجزائرية واقتربت من أجوائها فيلمه “الجزائر أمة” الذي أنجزه سنة 1957، وهو العمل الذي صدر بسببه حكم ضده بدعوى المساس ب«الأمن الداخلي الفرنسي”. كما عمل الراحل إلى جانب ألبير آليمون، الذي كان هو الآخر إلى جانب الأفالان في 1958، وقدم فيلمه الوثائقي “جيش التحرير الوطني في القتال”، لكن العمل الذي أزعج كثيرا السلطات الاستعمارية هو فيلم “ساقية سيدي يوسف” الذي تعاون على إنجازه كل من ألبير آليمون ورونيه فوتي، بطلب من فرانس فانون وعبان رمضان لفائدة مصالح السينما التابعة لجبهة التحرير الوطني، وهو الفيلم الذي يستعرض الجريمة التي اقترفها الاستعمار في حق سكان قرية ساقية سيدي يوسف الواقعة على الحدود الجزائرية التونسية، كشهادة حية على وحشية الاستعمار، متسببا في إثارة الرأي العام العالمي ضد فرنسا. في نفس الوقت أنجز رونيه فوتي فيلمه “الجزائر تلتهب” وهو فيلم من 23 دقيقة بمعيار 16. وعشية الاستقلال ساهم رونيه فوتيه في إنشاء مركز السمعي البصري بالجزائر، أين قام بمهمة تكوين السينمائيين والتقنيين الشباب في الجزائر المستقلة، وأشرف عليه حتى مغادرته الجزائر 1966. ونال فيلم فوتي “أن تكون في العشرين بالأوراس” الجائزة الدولية للنقد بمهرجان “كان” سنة 1972، كما حاز فيلمه الآخر “أبناء العم الثلاثة” على جائزة أفضل فيلم عن حقوق الإنسان في ستراسبورغ في 1970. أما في فرنسا فقد واجهت أعمال الفقيد المنع، حيث رفض عرض فيلمه “الناقوس” الذي يتطرق للميز العنصري “الأبرتيد” بجنوب إفريقيا، قبل أن يسمح بعرضه في 1965. أما في الجزائر فقد حظي الراحل بعدة تكريمات على غرار الاحتفاء الخاص بمهرجان وهران للسينما العربية في 2012، والتكريم الأخير في شهر نوفمبر 2014 بسنيماتيك الجزائر بمناسبة ستينية الثورة.