مع عودة السيد أحمد أويحيى إلى الواجهة السياسية الحزبية، من خلال حضوره المفاجئ، أول أمس، عملية تنصيب المجلس الولائي للأرندي بالعاصمة، بدأت تتأكد بعض التحاليل التي تقدم الرجل على أنه في وضعية متقدمة للدخول في سباق خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأن انسحابه المؤقت من النشاط الحزبي لم يكن سوى تكتيك غالبا ما يستعمله النظام كاستراحة محارب. كل المؤشرات تدل على أن الخيوط بدأت تفك الواحد تلو الآخر في أعلى هرم السلطة، تحضيرا لخلافة محتملة للرئيس الحالي، بعد مؤشرات الانقسام الذي حصل منذ أشهر، والذي جسدته الحرب الباردة المشتعلة بين جماعة الرئيس من جهة، ومدير المخابرات الفريق محمد مدين المدعو توفيق. لكن اليوم، يبدو أن جماعة الرئيس لم تعد تتمتع بذلك الثقل الذي يؤهلها لفرض خليفة الرئيس، خاصة أن بعض التسريبات تؤكد أن السباق نحو قصر المرادية سيقتصر على رجلين لا ثالث لهما، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال. ومعروف أن ولاء الرجلين ليس في اتجاه جماعة الرئيس، بقدر ما هو ولاء لمؤسسة المخابرات القوية. وما زاد في “عزلة” جماعة الرئيس، أن غالبية الشخصيات السياسية التي يمكن أن تدخل سباق الرئاسيات موجودة اليوم في تكتل سياسي قائم أساسا على معارضة نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، على غرار مولود حمروش وعلي بن فليس وعبد الرزاق مقري، وحتى عبد العزيز بلخادم أخرج من دائرة الرئيس بطريقة غير مهذبة. وعلى هذا الأساس، يمكن القول إن مجموعة الرئيس أحدثت فراغا من حولها ولم يعد ممكنا الاعتماد سوى على السيد عمار سعداني، الذي يستمر في محاربة الطواحين، ولكن من دون تكتيك أو إستراتيجية مدروسة، إضافة إلى عمار غول وعمارة بن يونس اللذين لا ثقل لهما في الساحة السياسية. وحتى الخرجة الأخيرة لنائب وزير الدفاع، اللواء أحمد ڤايد صالح، الذي وجه دعوة للطبقة السياسية بالكف عن دعوة الجيش للتدخل في السياسة، فقد تفهم أيضا على أنها ليست موجهة فقط للمعارضة وإنما إلى كل الذين يريدون دعم المؤسسة العسكرية في سعيها إلى فرض خليفة الرئيس، ومنهم أيضا حاشية الرئيس، وربما هذا ما جعل السيد مولود حمروش، الذي يعرف جيدا ما يجري تحت الطاولة، عندما صرح تعقيبا على ما ورد في مجلة “الجيش” بالقول: “أنا لم أتوجه بكلامي للفريق أحمد ڤايد صالح”. فهل يمكن فهم كلام حمروش على أساس أن هناك من وجه طلبه للرجل الأول في مؤسسة الجيش ؟ ربما... وتكون فكرة استعمال ورقة أحمد أويحيى لعديد الاعتبارات، أولها أن الإجماع بين مكونات النظام يحصل عادة على الشخصية التي ترعرعت في كواليس هذا النظام، حتى يحافظ على التوازنات بين مختلف الجماعات التي تكونه، ويتفادى بذلك أي اختلال قد يصل بالبلاد إلى الهاوية، ويمس مصالح الشخصيات صاحبة القرار. وأهم توازن يراد المحافظة عليه، هو التوازن بين الأركان الأربعة المكونة للنظام: رئاسة الجمهورية، الحكومة، مؤسسة الجيش والمؤسسة الأمنية.