عن المِقدام بن مَعْدِ يكرِبَ قال: سمعتُ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: “ما مَلأ آدميٌّ وِعاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدمَ أَكَلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإنْ كَانَ لا مَحالَةَ، فَثُلُثٌ لِطعامِهِ، وثُلُثٌ لِشَرابِهِ، وثُلُثٌ لِنَفسه” رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن. ندب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى التقلّل من الأكل في حديث المقدام، وقال: “حسبُ ابن آدم لُقيمات يُقمن صلبه”. وفي الصّحيحين عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أنَّه قال: “المؤمنُ يأكل في مِعي واحدٍ، والكافرُ يأكل في سبعة أمعاء”. كما ندب عليه الصّلاة والسّلام مع التقلُّل من الأكل والاكتفاء ببعض الطّعام إلى الإيثار بالباقي منه ، فقال: “طعامُ الواحدِ يكفي الاثنين، وطعامُ الاثنين يكفي الثَّلاثة، وطعامُ الثلاثة يكفي الأربعة” أخرجه مسلم وابن ماجه والترمذي من حديث جابر رضي اللّه عنه. فأحسنُ ما أكل المؤمن في ثُلُثِ بطنه، وشرِبَ في ثلث، وترك للنَّفَسِ ثُلثًا، كما ذكره النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث، فإنَّ كثرة الشّرب تجلِبُ النّوم، وتفسد الطّعام. قال سفيان: كُلْ ما شئتَ ولا تشرب، فإذا لم تشرب، لم يجئك النّوم. وقال بعض السَّلف: كان شبابٌ يتعبَّدون في بني إسرائيل، فإذا كان عند فطرهم، قام عليهم قائم فقال: لا تأكلوا كثيرًا، فتشربوا كثيرًا، فتناموا كثيرًا، فتخسروا كثيرًا. ولقد كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه يجوعون كثيرًا، ويتقلَّلون من أكل الشَّهوات، وإنْ كان ذلك لِعدم وجود الطَّعام، إلاَّ أنَّ اللّه لا يختارُ لرسوله إلّا أكملَ الأحوال وأفضلها. ولهذا كان ابنُ عمر رضي اللّه عنهما يتشبَّه بهم في ذلك، مع قدرته على الطَّعام، وكذلك كان أبوه سيّدنا عمر رضي اللّه عنه من قبله.