أوضحت مصادر سودانية مطلعة ل “الخبر” أن السبب الحقيقي لفتور العلاقات السودانية الإيرانية يتعلق باشتداد ضغط التيارات السلفية وحتى الإخوانية على الحكومة بسبب المد الشيعي في السودان، كما أن علاقات الخرطومبطهران أضرت كثيرا بعلاقاتها مع دول الخليج، وجاء مشروع طريق يربط السودان بأقرب مدينة رئيسية في دولة جنوب السودان ليقصم ظهر العلاقات بين البلدين. عندما سألت “الخبر” نائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن، في ندوة صحفية بالقصر الجمهوري في الخرطوم خلال الانتخابات الأخيرة، عن تأثير انضمام السودان إلى عملية عاصفة الحزم في اليمن على علاقاته التاريخية بإيران، رد نائب الرئيس بشكل دبلوماسي ومقتضب، ونفى تأثير ذلك على العلاقات بين البلدين، مستدلا بأن “السفارة الإيرانية لم تغلق أبوابها في الخرطوم”. غير أن مصادر جد مطلعة التقتها “الخبر” في الخرطوم، أشارت إلى عدة نقاط جعلت الخرطوم تزهد في علاقتها مع طهران، وحتى إن لم يقطع البلدان علاقتهما ببعضهما، فإن الفتور أصبح الصفة السائدة بين البلدين خلال الأسابيع الأخيرة. وذكر ذات المصدر أن إيران وعدت بتعبيد طريق يربط السودان بأقرب مدينة رئيسية في دولة جنوب السودان التي انفصلت عن الخرطوم في 2011، لكن إيران تأخرت في إنجاز هذا الطريق، والأكثر من ذلك فإنه مقابل كل حاوية تضم مواد وتجهيزات لتعبيد الطريق هناك حاويتان من كتب الشيعة، وهو ما استفز الخرطوم التي طلبت إلغاء هذا المشروع. وأضاف ذات المصدر أن التيار السلفي الذي له نفوذ قوي داخل السودان ضغط بشدة لوقف المد الشيعي، ودعمه في ذلك التيار الإخواني، وهو ما دفع الحكومة السودانية إلى غلق المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم. السبب الثالث هو الضغوط السعودية والخليجية على السودان الذي لديه سواحل طويلة في الضفة الغربية للبحر الأحمر مقابل السواحل السعودية في الضفة الشرقية للبحر، وتشير مصادرنا إلى أن علاقاتهم مع إيران لم تكن مفيدة بل أضرت بمصالح السودان مع دول الخليج التي تعتبر من أكبر الدول استيرادا للحوم السودانية واستثمارا في القطاع الزراعي بالسودان. وتزامنت زيارتنا للسودان (ما بين 11 و20 أفريل) مع زيارة وزير الزراعة السعودي للخرطوم، وأكدت لنا مصادر سودانية متطابقة أن السعودية وعدت الخرطوم بضخ استثمارات ضخمة في القطاع الزراعي السوداني، وقدرت ذات المصادر هذه الاستثمارات بما لا يقل عن 300 مليار دولار، وأشارت إلى أن الرياض قدمت مؤخرا مساعدات مالية للخرطوم بقيمة 4 مليار دولار ساهمت في استقرار الجنيه السوداني الذي عرف هبوطا حادا بعد انفصال جنوب السودان وخسارة الخرطوم ل75% من مداخيلها بالعملة الصعبة. وأكدت مصادر سودانية تدفق رؤوس أموال خليجية هامة خاصة من السعودية والإمارات إلى السودان، بعد زيارة الرئيس عمر حسن البشير إلى البلدين، تلاها مشاركة السودان في عملية “عاصفة الحزم” ضد الحوثيين في اليمن، وأشارت إلى أن تخفيف الحصار الدولي على السودان خاصة في قطاع الاتصالات عزز من تدفق هذه الاستثمارات إلى السودان.