تسجل أسماء وفرق موسيقية وغنائية جزائرية أرقام مشاهدة عالية على موقع “اليوتيوب”، وصلت إلى 14 مليون مشاهد، ومع ذلك تبقى رهينة شبكة الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فيما تشتكي الساحة الفنية من الفراغ، كما تغيب عن التلفزيون الجزائري هذه الكليبات ذات النوعية الفنية الراقية. شباب يتصدر “اليوتيوب” وتوقّع فرقة “فريكلان” اسمها في الساحة الشبابية بقوة، حيث حجزت لها مكانا بين المحترفين على مستوى العاصمة، إذ تلتقي يوم الجمعة القادم مع إيقاعات “السامبا” عبر عرض مشترك ضمن فعاليات “البرازيل تلتقي بالبهجة” بقاعة ابن خلدون في الجزائر، التي تتواصل بتقديم عروض برازيلية نهاية كل أسبوع إلى غاية 20 فيفري، بقدوم فنانين آخرين. ونجحت الفرق الغنائية الشابة التي تقدم طابع “الموسيقى الإفريقية الجزائرية”، في أن تحجز لها مكانا هاما في قلوب الجمهور الجزائري، وذلك في ظرف قياسي، حيث أصبحت كل من فرقة “فريكلان” و”بابليون” و”الداي” و”جمعاوي أفريكا”، تنافس مختلف الألوان الموسيقية الجزائرية، على غرار الشعبي والراب والراي، من خلال تقديمها مزيجا غنائيا بكلمات جزائرية خالصة، يجمع النقاد والمراقبين على أن أكثر ما يميزها هو كلماتها ال”محترمة” القريبة من “أذن العائلات الجزائرية” ولا تخدش الحياء. وقد قفزت الأغاني التي تقدمها هذه الفرق إلى أرقام خيالية فيما يخص بورصة “اليوتيوب”، حيث تجاوز عدد مشاهدي أغنية “زينة” لفرقة بابليون ال14 مليون معجب على شبكة الأنترنت دون احتساب النسخ الفرعية للأغنية ذاتها، وهو رقم لم تصل له العديد من الأغاني العربية لكبار الفنانين، ما يطرح إشكالية تسويق الأغنية الجزائرية بما يضمن للفنانين الشباب حقوقهم، في ظل غياب آلة الرقابة على سوق الإنتاج. كما استقطب الفيديو كليب الذي أنتجته فرقة “فريكلان” لأغنية “خويا المداني”، أزيد من 2 مليون مشاهد خلال أشهر فقط من إطلاقها، وهو ما يعطي مؤشرا واضحا على أهمية اللون الغنائي الذي يميز أغاني “الفرق الشابة”، ورغم ذلك فلا يعكس “اليوتيوب” واقع عائدات المبيعات التي يستفيد منها أصحاب الأغاني، كما يوضح نور الدين رباح عازف على آلة القيثارة وأحد أعضاء فرقة فريكلان ل”الخبر”: “عائدات مبيعات الأقراص المضغوطة “سي دي” لا تعكس نجاح أغاني الفرقة الغنائية الشابة”، حيث إن أعمالهم تم إنتاجها بمجهودات خاصة، وتعتمد فقط على بعض الحفلات التي تحييها الفرقة بين الحين والآخر. وفي ظل استفادة المغني فقط من مبلغ 11 دج على كل قرص مضغوط “سي دي” يبيعه في الجزائر، بينما يستفيد المنتج ب15 دج والبائع ب70 دج، ومع انتشار ظاهرة “القرصنة، فقد تأخر الشاب خالد سنوات قبل أن يقرر دخول السوق الجزائرية ويوقّع قبل يومين اتفاقا مع الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وفي هذا الإطار، يؤكد نور الدين أن مشكلة القرصنة “هاجس” كبير، يضع مستقبل الفرق الغنائية في خطر. كما يعلق أحد أعضاء فرقة “فريكلان”، في تصريح ل”الخبر”، على معاناة الفرقة الشابة مع ظاهرة “القرصنة”: “نحتاج إلى ضبط ساحة سوق بيع ال”سي دي” في الجزائر لنتمكن من العمل في مناخ يحفزنا على الإبداع”. “زينة” تتفوق على أغاني إليسا وتشق أغاني “الشباب الجزائري” طريقها بخطى ثابتة نحو النجومية، أمام أغان لنجوم كبار، على غرار أغنية “سي لافي” للشاب خالد التي حققت 27 مليون مشاهدة على “اليوتيوب”، والتي تم إنجازها بتقنيات عالمية وحازت جائزة “موركس” بلبنان كأفضل أغنية عالمية، ونال عليها الشاب خالد جائزة أفضل فنان عالمي، مقارنة مع نصيب أغانٍ عربية حققت شهرة وضمنت لمطربيها حقوقها على غرار أغنية “ويانا يانا” للمغنية صباح ورولا، التي حققت 13 مليون مشاهدة على “اليوتيوب” منذ 2009، وأغنية “عبالي حبيبي” للمطربة اللبنانية إليسا، التي أنتجتها شركة روتانا ونشر الفيديو سنة 2012، وأغنية “الليلة حبيبي” لعمرو دياب التي تعتبر أحدث أغاني المطرب المصري، ولم تحقق سوى 8 ملايين مشاهدة، وهو نفس الرقم الذي وصلت إليه أغنية “سي السيد” للثنائي تامر حسني وسنوب دوج، كما لا تصل العديد من الأغاني العربية الشهيرة إلى تحقيق القفزة التي حققتها أغنية “زينة” التي حققت 14 مليون مشاهدة على “اليوتيوب”، وأطلقت سبتمبر 2012، كما سحبت البساط من عديد مغني الراي بالجزائر مثل أغاني الشاب بلال و”كادر الجابوني” وغيرهم الذين لم يتجاوز عدد مشاهدة أغانيهم على “اليوتيوب” رقم 2 مليون كأقصى تقدير على الفيديو الواحد. وما يلفت الانتباه، أنه رغم هذا الرواج، فإن أغاني وكليبات هذه الفرق لا تجد طريقها نحو التلفزيون الجزائري، كما سبق أن عانت منه فرقة “كاميليون” التي اتخذت قبلها نفس المسار وحققت نتائج مبهرة وعرفها الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ثم على أمواج الإذاعة المحلية في العاصمة. ويرفض التلفزيون الجزائري عرض هذه الكليبات على جودتها، بل كما قال أحد أعضاء فرقة “فريكلان”: “التلفزيون الجزائري رفض بثها رغم استعدادنا أن نقدمها مجانا له فقط يعرضها على الجمهور”. ويبقى السؤال المطروح: لمَ يرفض التلفزيون هذا العرض رغم أن الكليبات تقدم بطريقة إبداعية جميلة وتقنيات عالية ولا تخدش حياء العائلات الجزائرية، كما أنها من الناحية الفنية تم العمل عليها بطريقة احترافية، تفتقدها تلك التي يقوم التلفزيون بإنتاجها؟ ما دور التلفزيون العمومي إذا كان لا يساهم في الترويج للشباب والأعمال الشابة؟