هل تسعى فعلا روسيا إلى ضم شبه جزيرة القرم إليها سواء عسكريا أو عبر استفتاء شعبي؟ ليس معروفا لحد الآن إن كان الهدف من التحركات العسكرية الروسية في شبه جزيرة القرم ضمها أو مجرد الضغط على الحكومة الأوكرانية لحماية مصالحها، لكن روسيا ليست في حاجة إلى ضم القرم إلى أراضيها، لأن قرابة 60 في المئة من سكان القرم روس، بالإضافة إلى أقليات أوكرانية وتتارية، كما أن أكبر سفينة حربية أوكرانية رفضت الانصياع إلى قرارات الحكومة الأوكرانية الجديدة ورفعت العلم الروسي، فروسيا لا تطلب لحد الآن أكثر من حكومة روسية موالية لها، لأن لديها قوات عسكرية في أوكرانيا ووقعت على معاهدة مع كييف تسمح ببقاء قواتها في شبه جزيرة القرم إلى غاية 2042، لذلك أستبعد احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم. هل تملك الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب عامة القدرة على مواجهة روسيا عسكريا واقتصاديا في حديقتها الخلفية؟ هذا هو السؤال المهم، ما هي الوسائل التي يملكها الغرب لمواجهة روسيا إذا قامت بغزو جزء من أوكرانيا، هناك أصوات كثيرة من المتشددين في أمريكا مثل السيناتور الجمهوري جون ماكين الذي رفع شعار “كلنا جورجيا” عندما تدخلت روسيا عسكريا في جورجيا في 2008، والآن يقول ماكين “كلنا أوكرانيون”، لكن لا توجد رغبة ولا قدرة للولايات المتحدةالأمريكية على مواجهة روسيا في قلب العالم السلافي، خاصة وأن أوكرانيا على الحدود مع روسيا كما أنها دولة مفلسة، والدول الغربية تواجه مشاكل اقتصادية ولم تتمكن من مساعدة الاقتصاد اليوناني بالشكل الكافي، فهل هي مستعدة لتقدم 15 مليار دولار لأوكرانيا (كما وعدت موسكو بتقديمها لكييف)، خاصة إذا علمنا أن القاعدة الصناعية توجد في شرق أوكرانيا الموالي للروس، كما أن روسيا تبيع الغاز لأوكرانيا بأسعار مخفضة، وهناك ديون روسية كبيرة على عاتق أوكرانيا، كما يمكن لروسيا فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الأوكرانية المصدرة لروسيا، ولكن ما تملكه أمريكا والغرب تهديد روسيا بفرض عقوبات اقتصادية، وتعليق الاستعدادات للمشاركة في قمة الثمانية الكبار في سوتشي (روسيا)، كما يمكن للغرب إحراج روسيا وممارسة ضغوط دبلوماسية عليها، والاستمرار في توسيع الدرع الصاروخية، لأن هناك اعتقادا لدى روسيا بأن حلف الأطلسي يتوسع شرقا حتى لا يسمح بعودة النفوذ الروسي إلى أوروبا الشرقية، ويبقى السؤال هل بإمكان الغرب التدخل عسكريا في أوكرانيا. هل بإمكان روسيا إعادة تنصيب يانكوفيتش رئيسا على أوكرانيا مجددا في ظل التحديات الصعبة التي تواجهها الحكومة الجديدة الموالية للغرب؟ هذه الورقة مطروحة، لأن الرئيس يانكوفيتش ورغم الفساد الذي عمّ القيادة في عهده، وتم طرده بالمظاهرات، إلا أنه يبقى الرئيس الشرعي لأوكرانيا، وهناك تساؤلات حول قدرة هذه الحكومة الجديدة على إدارة شؤون البلاد، خاصة وأنها ارتكبت خطأ عندما ألغت قانون اللغات الذي يسمح بإمكانية استعمال لغة أخرى كلغة ثانية على غرار الروسية، ما أغضب الروس والمتحدثين بالروسية.