ما هي الرسالة التي أراد الرئيس بوتفليقة (المريض) تمريرها عبر التلفزيون لدى استقباله وزير خارجية أكبر دولة في العالم، خصوصا وأن جون كيري كان الضيف الأجنبي الوحيد الذي وقف له بوتفليقة؟ بداية، لا أعرف كم مرة حاول الرئيس بوتفليقة الوقوف في السرّ حتى ينجح في الوقوف بتلك الصورة، في العلن، وينجح بالتالي في تسويق صورته أمام العالم بأنه يستعيد قوته تدريجيا في الوقوف والكلام لدرجة انتقاد سياسة أمريكا علنا في مجال الأمن والاستخبارات. لكن نجاح بوتفليقة في ”لعبة” الصورة أمام وزير أكبر دولة في العالم، لا يعفيه من تفسير بعض الأمور المتعلقة بالأمن القومي الجزائري، حين راح ينتقد ضعف التعاون الاستخباراتي مع واشنطن. لقد سمعنا عن قصد بالصوت والصورة، بوتفليقة يلوم جون كيري ومن ورائه دولة الولاياتالمتحدة، في عدم التعاون مائة بالمائة، مقابل خدمات الجزائر، فيما يخص تبادل المعلومات الاستخباراتية، في الوقت الحقيقي (ريل تايم). بوتفليقة قال لكيري (لقد أعطيناكم ما تريدون)، فماذا قدمت الجزائرلواشنطن ولا يعلم به الشعب؟ طبعا، يمكن أن نفهم بسوء نية كلام بوتفليقة ونقول إن الجزائر أفرطت في منح عقود النفط للأمريكيين، ومع ذلك لم يردوا الجميل. وإذا كنا ”عقلاء” وفهمنا بحسن نية انتقادات بوتفليقة لكيري، سنقول إن الجزائر قدمت معلومات استخباراتية فعالة منعت إلحاق الأذى بواشنطن، لكن المخابرات الأمريكية لم ترد الجميل. هنا: هل كان مصدر انزعاج بوتفليقة هو عدم الحصول على معلومات استخباراتية كانت بحوزة واشنطن حول عملية عين أمناس الإرهابية (مثلا)، لكن واشنطن لم تقدمها في حينها للجزائر. وإذا كان هذا هو السبب الحقيقي لانزعاج بوتفليقة، فهذا يعني أن خدمات ”محاربة الإرهاب” التي كانت تقدمها الجزائرلواشنطن منذ حادثة 11/9/2001 في مانهاتن وحتى عهد ثورات ”الربيع العربي” وما بعده، لم تشفع للجزائر في الحصول على ثقة الإدارة الأمريكية. ومثل هذا الاستنتاج يقودنا بالصح أو بالخطأ إلى الاعتقاد بأن الشراكة مع أمريكا لم تنجح في عهد الرئيس بوتفليقة.