دسترت لجنة الخبراء المكلفة بمراجعة الدستور، مكافحة الفساد والرشوة، ضمن المادة 21، في وثيقة المراجعة المرتقب التشاور بشأنها، لكن الملاحظ أن “حماية المبلغين بالفساد” لا اثر لها في الوثيقة، بينما التساؤل يبقى مطروحا، أن تم اعتماد المادة رسميا، بخصوص فاعلية محاربة ظاهرة، ميدانيا. حتى وإن كان لأول مرة تضمن مادة صريحة في الدستور، تنص على محاربة الفساد والرشوة، ومصادرة كل ملك يكتسب بالرشوة، فإن الأمر يحيل بالضرورة إلى مضمون القانون العضوي المتواتر عن هذه المادة، إن زكيت في نص الدستور رسميا، ومدى سقف “القمع” الذي سيفرضه القانون، مقارنة بالقوانين السارية حاليا، كقانون العقوبات وقانون مكافحة الفساد لفيفري 2006، وتورد المادة الرابعة من وثيقة مقترحات المراجعة الدستورية، تعديلا في المادة 21 من الدستور والتي تنص على “كل ملك مكتسب عن طريق الرشوة، مهما كانت طبيعته، يكون محل مصادرة طبقا للقانون”، كما أضيف للمادة 21 عبارة “كل شخص يعين لشغل وظيفة سامية في الدولة، أو ينتخب في مجلس محلي، أو ينتخب أو يعين في مجلس او مؤسسة وطنيين، ملزم بالتصريح بممتلكاته في بداية ونهاية وظيفته أو عهدته”. لكن هذا التدبير “الأولي” الجديد في الدستور، لم يلق استحسان رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد، جيلالي حجاج، إذ يرى أن “الملاحظ أنه في كل مرة نتكلم نحن عن خطر الفساد، يتحدثون هم عن مكافحة الفساد، نحن تعودنا على هذا، لكن ليس لدينا ثقة في السلطة عندما تتحدث عن دسترة مكافحة الظاهرة”، ويؤكد حجاج ل«الخبر” أن “فضائح كبيرة تورطت في الجزائر دوليا، ولدي معلومات أن مسؤولين كبارا متورطون فيها، وميدانيا ليس هناك ما يشفع لهؤلاء أنهم يحاربون الفساد”. ويفيد حجاج أنه “محليا، هناك تقارير عن فساد ينتشر بصورة مخيفة وهناك ظاهرة جديدة، بالنسبة لولاة يستعملون المال لإرضاء المسؤولين على المستوى المركزي، وهناك ولاة أيضا يستعملون وظائفهم وهم تابعون لوصاية أخرى غير الداخلية، وفي الآونة الأخيرة وصلتنا تقارير عن ضغوط رهيبة ضد كل موظف أو نقابي يدين الفساد، ويستعمل ضدهم حتى البلطجية”، ويعتقد المتحدث أن خطاب”دسترة مكافحة الفساد مجرد ذر للرماد في العيون”. وأوضح رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، لخضر بن سعيد، الذي خلف بوجمعة غشير، أنه تلقى دعوة لحضور المشاورات حول مراجعة الدستور، من أويحيى، وقال إن “الفساد مرض في الدولة، من قمتها إلى قاعدتها، والرشوة أصبحت قاعدة والاستثناء هم الذين لا يقبلونها”، ويعتقد بن سعيد أن دسترة مكافحة الفساد تفرض بالضرورة منح صلاحيات أوسع لمجلس المحاسبة، “فهذا المجلس ليس له أي سلطة”، ويشدد رئيس الرابطة على وجوب استحداث مجال تخصص بمكافحة الفساد على مستوى القضاء، على أن تتم دسترة ذلك، ومن شأن التخصص ملء الثغرات القانونية في محاربة الظاهرة. ويقترح المتحدث وقف العمل بقانون مكافحة الفساد لسنة 2006 وتعويضه بتوسيع صلاحيات المتابعة لمجلس المحاسبة. وأفاد بن سعيد: “لما التقينا ببن صالح خلال مشاورات 2011، قلنا له إنه لا يعقل أن يحكم بخمس سنوات ضد من سرق هاتفا نقالا وبسبع سنوات على من اختلس 2300 مليار”. واعتبر رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، فاروق قسنطيني، دسترة مكافحة الرشوة والفساد والتصريح بالممتلكات “خطوة إيجابية”، وقال ل«الخبر”: “تلقينا دعوة المشاركة في مشاورات المراجعة الدستورية، وسوف نرفع اقتراحات خصوصا بقضية محاربة الفساد”. وشدد قسنطيني: “يجب الضرب بيد من حديد على من يعمل ضد مصلحة البلاد، والفساد نخر الاقتصاد الوطني وتضاعف جراء البحبوحة المالية”.