قال الله سبحانه وتعالى شاهدًا بخيريَّة الصّوم: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} البقرة:184. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”ألَا أدلك على أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ” قال: ثمّ تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}” رواه الترمذي. مضى شهر رجب وما أحسنتَ فيه، وها هو شهر شعبان المبارك قد أقْبَل، فلا تتغافل عنه، وأحسِن الاستعداد فيه لشهر رمضان المعظّم، فقد قال سيّدنا مولانا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ”ذاك شهر تغفل النّاس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين، وأحبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائم”، ففي هذا الحديث دلالة ظاهرة على فضيلة العمل في وقت غفلة النّاس، لأنّه أشقّ على النّفوس. لقد تفضَّل الله جلّ ذِكرُه على عباده بنفحة جديدة مباركة طيّبة، هي فرصة جديدة لمحو الذّنوب وغسل الخطايا ورفع الدرجات، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”إنّ لربّكُم في أيّام دهركم نفحات، فتعرّضوا لها لعلّ أحدكم أن يُصيبَه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدًا” رواه الطبراني وحسّنه الهيثمي. فبعد شهر من الآن، ومع دخول شهر شعبان، يهلّ علينا شهر رمضان، وهو أفضل الشّهور بتفضيل الله تعالى له، تُفتَح فيه أبواب الرّحمات، وتتزيّن فيه الجنّات، وتُغلّ مردة الشّياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، مَن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم مِن ذنبه. فلا بدّ أن نُحْسِن استقبال شهر رمضان المعظّم، من أوّل ما يدخل شهر شعبان، إذ كان من المفروض أن نستعد له من شهر رجب، لكن، الوقت لم يفت، فادعو اللهَ الكريم أن يُبارك لك في رجب وشعبان ويُبلِّغك رمضان، فقد كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل رجب دعَا الله أن يُبلِّغَه شهر رمضان فيقول: ”اللّهمّ بارك لنا في رجب وشعبان وبَلِّغنا رمضان” رواه البيهقي في الشعب. وكذلك ينبغي للمسلم أن يُهيّئ نفسه بالإكثار من عمل الصّالحات في شهر شعبان. فرمضان شهر القرآن، فلا بدّ من تعويد النّفس على القراءة اليومية من الآن. ورمضان شهر البذل والصّدقة والإنفاق، فلا بدّ من تدريب نفسك على ذلك. ورمضان شهر التّراويح والقيام، فلا بدّ لك من الاستعداد بأداء النّوافل والرّواتب، مع المحافظة على أداء الصّلوات في الجماعات، والحرص على التّبكير وإدراك تكبيرة الإحرام والتّزاحم على الصفّ الأوّل، واستثمار الوقت ما بين الأذان والإقامة في الدعاء وقراءة القرآن. وإنّ الحِرص على هذه الطّاعات تدريب وتعويد للنّفس وتهيئة لها كي تزداد اجتهادًا في رمضان، بهذه الأعمال الصّالحة، فلا يشق عليها التّنافس في الخيرات، والحرص على الطّاعات، وينال المسلم بذلك الأجر العظيم والثّواب الجزيل.