غابورون: مبعوث “الخبر” هارون شربال رغم أن لدى بوتسوانا حدودا مع زيمبابويوزامبيا ونامبيا، إلا أن علاقتها مع الجار جنوب إفريقيا تعدّ مميزة جدا، حيث تربط البلدين علاقات ودّية، بحكم العلاقات التاريخية بينهما، وتكاد الأسواق البوتسوانية تغرق بالسلع والبضائع الجنوب إفريقية، وتكتفي بوتسوانا بالترويج للمنتوجات المحلية التقليدية لتسويقها. وتعتبر العاصمة غابورون أكبر مدينة في البلد، بتعداد سكاني لا يتجاوز 3 آلاف نسمة، وتعدّ الإنجليزية اللغة الرسمية الأولى في بوتسوانا، وتأتي اللغة التي تعرف ب«ستسوانا” في المركز الثاني. وتعدّ بوتسوانا جمهورية برلمانية، وقد انفصلت عن المملكة المتحدة عام 1966، ويبلغ عدد سكانها قرابة مليوني نسمة. كما أنها تمثّل أحد أكبر البلدان المنتجة للماس في العالم، وتسمى عملتها ب«بولا”. وتعاني بوتسوانا من ندرة في المياه، برغم توفرها على نهر كبير. ويكون فصل الصيف حارا وفصل الشتاء باردا. وتعدّ بوتسوانا واحدة من أعظم قصص نجاح التنمية في العالم، وبرغم أنه ليس لها منافذ بحرية، إلا أن البلد حقق إنجازات في الاقتصاد، بعدما كان أحد البلدان الأكثر فقرا في إفريقيا. وأدت المؤشّرات الإيجابية إلى تحسين مستوى معيشة البوتسوانيين. وعلى الرغم من تراجع معدلات الفقر في المناطق الريفية، إلا أنها تظل مرتفعة في المناطق الحضرية.. ومن التقاليد في بوتسوانا تحية شخص ما بسكب الماء على رأسه، وكان هذا الأمر جزءاً من الثقافة في بوتسوانا لسنوات عديدة. السيدا تفتك بالبوتسوانيين أدى وباء فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز” إلى تفاقم الحالة الصحية للمرضى. وتمتلك بوتسوانا ثاني أعلى معدل انتشار للفيروس بين البالغين في العالم، نتيجة غياب التوعية للوقاية من المرض وأيضا وسائل محاربة الداء. ويبلغ عدد المصابين بالإيدز في بوتسوانا 270 ألف، حسب إحصائيات قديمة. ومنذ عام 2002، قامت الحكومة من خلال برنامج مكافحة يسمى “ماسا” (يعني إشراقة شمس جديدة) بتوزيع أدوية مجانية على السكان لمكافحة الإيدز. وطبقا لتقديرات عام 2003، فإن معدل انتشار الإيدز يقارب 350 ألف حالة، وعدد الوفيات 33 ألف حالة وفاة. الآسيويون يتحكّمون في مفاتيح التجارة لا توجد جالية جزائرية في بوتسوانا ربما بسبب عدم وجود فرص عمل مفيدة في هذا البلد الصغير، ولم نعثر إلا على مواطن جزائري واحد وهو يشتغل بصفة إطار في الاتحاد الأوروبي. ولا يعرف سكان هذا البلد الكثير عن الجزائر، وبالمقابل، يهتم هؤلاء كثيرا بشؤون ما يحدث في البلدان المجاورة، وخاصة في جنوب إفريقيا. ويبدو السكان مسالمين إلى أبعد الحدود، فبالرغم من أن الحياة في بوتسوانا ليست مثالية، إلا أن السكان يبدون راضين عن أحوالهم الاجتماعية. ولا تعرف العاصمة إثارة وصخبا، رغم أنها أكبر مدينة في بوتسوانا، حيث تبقى الحركة فيها محدودة والنشاط الاقتصادي متواضعا. ويسيطر الهنود والباكستانيون على جانب هام من الحياة التجارية، إلى جانب الأوروبيين، خاصة الإنجليز، في إطار سياسة انفتاح اعتمدتها بوتسوانا، التي يعتنق فيها أغلبية السكان الديانة المسيحية. ويقدّر تعداد المسيحيين في البلاد بنحو 70بالمائة، وتجمع الكنيسة المتحدة في جنوب إفريقيا غالبية المسيحيين. ووفقاً للتعداد السابق، فإن الجالية المسلمة تعود في المقام الأول إلى أصول جنوب آسيوية، ويزيد تعدادها عن 5 آلاف نسمة. وتدور السياسة البوتسوانية في فلك جمهورية ديمقراطية تمثيلية، حيث إن رئيس بوتسوانا هو الذي يمارس صلاحيات رئيس الدولة ورئيس الحكومة ضمن نظام متعدد الأحزاب. وتمارس السلطة التنفيذية من قِبل الحكومة، بينما تناط السلطة التشريعية لكل من الحكومة والبرلمان. جزائري واحد في غابورون صادف وجودنا في الفندق الذي كنا نقيم فيه وجود مواطن جزائري، الوحيد الذي يقطن العاصمة (غابورون)، اسمه سيد بوبكر محمد، وهو يعمل لصالح مركز تطوير المؤسسات، التي تدعم القطاع الخاص، وهو يقيم في العاصمة منذ 2009، وقد جاء إلى بوتسوانا في إطار عقد عمل مع الشركة التابعة لمنظمة أوروبية، يبلغ من العمر 61 عاما، متزوج وأب لولد (11 عاما).. قال لنا سيد بوبكر، الذي ترعرع في مدينة سبدو بتلمسان، قبل أن يغادر إلى مدينة ليون الفرنسية، إن عددا من الجزائريين يعملون بصورة متقطعة مع الشركة الفرنسية للاتصالات (أرونج)، لكنه ليس له أي اتصال معهم، بسبب عدم استقرار هؤلاء في مناصبهم. وذكر المتحدث، أن البوتسوانيين مسالمون كثيرا وجديرون بالاحترام. وعن سؤال حول رد فعل البوتسوانيين حين يعرفون أنه يحمل الجنسية الجزائرية، قال ابن مدينة سبدو إن الرد طبيعي، وهؤلاء يتعاملون معه على أنه رعية فرنسية بما أنه يحمل أيضا الجنسية الفرنسية، وقال إن البوتسوانيين ليسوا عنصريين، ولا يتعاملون معه بعدائية عندما يعلمون أنه جزائري ومسلم. وذكر المتحدث أن بوتسوانا تعرف نهضة اقتصادية كبيرة، بفضل مواردها من مادة الماس والسياحة وتصديرها للحوم، خاصة إلى أوروبا، وردّ ذلك أيضا إلى الاستقرار السياسي الذي تعرفه. ولفت الرعية الجزائري أن السكان في بوتسوانا يعشقون كثيرا رياضتي الغولف وسباقات العدو. وفي ردّه على سؤال آخر عن المدة التي سيبقى فيها في غابورون، قال المتحدث إنه سيتنقل للعمل إما إلى مدينة برشلونة أو بوركسل، بعد عامين على أقصى تقدير، وألحّ على التذكير أن زوجته ترغب في الإقامة في برشلونة لقربها من الجزائر، ما يفتح لهما فرص التنقل إلى الجزائر أكثر من مرة في السنة. سلطان الغابة يغيب عن محمية الحيوانات كانت التجربة مفيدة ومثيرة في الوقت نفسه، عند قيامنا بالتوغل داخل محمية طبيعية للحيوانات.. لم تكن لدينا الشجاعة الكافية لدخول المحمية ونحن على متن حافلة مكشوفة، خشية مواجهة أسوأ الحالات، إلى غاية أن أخبرنا الدليل أن المحمية تخلو من الأسود، وهي المحمية التي تحمل اسم “موكولودي” وهي تقع في العاصمة (غابورون).. ركبنا الحافلة رفقة عدد من الأجانب، ولفت الدليل انتباهنا أنه لا يجب إحداث الضجيج بالأصوات عند التحدث بيننا خشية فرار الحيوانات، وبالتالي تضييع فرصة مشاهدة الحيوانات عن قرب.. استجبنا للطلب، وبدأنا الرحلة التي قال بشأنها الدليل إنها ستدوم قرابة ساعتين، وأول حيوان شاهدناه كان خنزيرا برّيا تردّد في مغادرة المكان عندما شعر بوجودنا، لكن تردّده لم يدم طويلا، مفضّلا الاختفاء عن الأنظار، قبل أن نتمكّن من مشاهدة مجموعة من الغزلان وهي تأكل من أوراق الأشجار، وكان أملنا كبيرا في مشاهدة الزرافات، إلا أنه كان صعبا على الدليل العثور عليها، فبعدما فقدنا الأمل في مشاهدتها، استطاع الدليل أن يكتشف مكان وجودها بحكم تجربته، وبعد استطلاع دقيق لموقعها، وتعقّب الدليل لأثارها اقتربنا منها، لكن ليس لمدة طويلة، حيث انزعجت الزرافات، التي كانت تشكّل عائلة من وجودنا وأرادت التمويه لتبعد نظرنا عنها، ومع ذلك استطعنا أخذ صور لها من عدة زوايا، وسط ارتياح الركاب، الذين خيّل لهم أنهم سيكونون أشبه بأبطال شريط وثائقي مثير يبثّ على التلفزيون، حيث أعادت الصور المثيرة التي عشنها في المحمية إلى أذهاننا المشاهد الخطيرة التي تعيشها الحيوانات في الغابات.. وقد كانت التجربة مفيدة ومثيرة، برغم أننا لم نتمكن من مشاهدة افتراس الأسود لضحاياها. نهر ليمبوبو.. المعلم الأول في إفريقيا الجنوبية حوض نهر ليمبوبو المعلم الرئيسي في إفريقيا الجنوبية، ويقع جزئياً في بوتسوانا في جنوب شرق البلاد. أما نهر تشوبي فانه يقع إلى الشمال ويشكّل الحدود بين بوتسوانا وناميبيا (منطقة كابريفي). ويلتقي نهر تشوبي مع نهر زمبيزي في مكان يدعى كازونغولا (معناه شجرة النقانق الصغيرة، وهي النقطة التي عبر منها الماكولولو بزعامة سيبيتواني نهر زامبيزي إلى زامبيا). وتمتلك بوتسوانا مجالات متنوعة من موائل الحياة البرية، فبالإضافة إلى مناطق الدلتا والصحراء توجد المراعي “السافانا”، حيث يوجد ويلدبيست الأزرق والعديد من الظباء، وغيرها من الثدييات والطيور. ويوجد شمال بوتسوانا أحد الأماكن القليلة التي تضم عدداً كبيراً من الكلاب البرية المهددة بالانقراض. وتوجد حديقة تشوبي الوطنية في منطقة تشوبي، ويوجد فيها أكبر تجمّع للفيلة الإفريقية في العالم، وتغطي الحديقة نحو 11,000 كم2 (4247 ميل مربع) وتدعم نحو 350 نوع من الطيور. الجفاف.. الهاجس القاتل تواجه بوتسوانا حالياً اثنتين من المشاكل البيئية الرئيسية وهما الجفاف والتصحر. وتنشأ مشاكل التصحر في الغالب بسبب المناخ شديد الجفاف في البلاد، حيث يضطر السكان لاستعمال المياه الجوفية، ومع ذلك، يتسبب الجفاف في خسائر على الأرض. ويتم الوصول إلى المياه الجوفية عن طريق حفر الآبار العميقة، ما يؤدي إلى تآكل التربة والمياه السطحية التي تعدّ نادرة جداً في بوتسوانا. وأقل من 5 بالمائة من الزراعة في البلاد تعتمد على هطول الأمطار. ويضطر البلد إلى الاعتماد على الماشية كوسيلة للدخل، إلى جانب الماس الذي يجلب أموالا كبيرة لبوتسوانا. ولأن تربية المواشي أثبتت كونها تجارة مربحة لشعب بوتسوانا، فإن استغلال الأرض مازال في استمرار. وذكر برنامج الأممالمتحدة الإنمائي أن المشكلة الرئيسية تكمن في الاستغلال المفرط للموارد، بما في ذلك الأرض في بوتسوانا. وذكر البرنامج نفسه أيضاً أن على الحكومة تنفيذ سياسات فعالة للسماح للسكان المحليين بإدارة مواردهم المحلية الخاصة، والسماح لهم بمساعدتها في وضع السياسات العامة. القوات المسلحة للردع والدفاع لم يكن هناك أي قوات مسلحة رسمية عند استقلال بوتسوانا، ولم يتم إنشاؤها حتى هجمت عليها جيوش روديسيا الجنوبية وجنوب إفريقيا، وعندها تم تأسيس قوة الدفاع البوتسوانية كقوة ردع في عام 1977. ويعتبر رئيس الدولة هو القائد الأعلى لجميع القوات المسلحة البوتسوانية والمسؤول عن تعيين مجلس الدفاع العسكري، إلا أنه بعد عدة تغييرات سياسية في جنوب إفريقيا والمنطقة تغيّرت أولويات قوة الدفاع البوتسوانية إلى منع عمليات الصيد غير القانوني، والإغاثة في أوقات الكوارث وحماية الأجانب في المنطقة. وتعتبر الولاياتالمتحدةالأمريكية المساهم الأعلى في تطوير القوات المسلحة البوتسوانية وتدريب ضباطها. وتتكون قوات الدفاع البتسوانية من 12 ألف فرد وضابط كما في إحصائيات عام 2007. وتتشكّل قوة الدفاع البوتسوانية من لواء مدرعات واحد ولواءي مشاة وأربع كتائب مشاة وفوجين للمدفعية وفوج سلاح المهندسين وفوج المغاوير، إلى جانب القوات الجوية والشرطة البتسوانية الوطنية. ولا تمتلك بوتسوانا قوات بحرية كونها لا تمتلك حدوداً ساحلية. بوتسوانا.. رابع أعلى إجمالي الدخل القومي في إفريقيا منذ الاستقلال، امتلكت بوتسوانا واحدة من أسرع معدلات النمو في نصيب الفرد من الدخل في العالم، وتحوّلت البلاد من واحدة من أفقر البلدان في العالم إلى فئة البلدان متوسطة الدخل. وحسب أحد التقديرات، تمتلك بوتسوانا رابع أعلى إجمالي الدخل القومي في تعادل القدرة الشرائية في إفريقيا، ما يمنحها مستوى معيشة يقارب نظيره في المكسيك وتركيا. وتمتلك الدولة حصة 50 بالمائة من حصص شركة “دبسوانا”، وهي أكبر شركة مناجم ألماس في بوتسوانا. وتوفر الصناعات المعدنية نحو 40 بالمائة من مجموع الإيرادات الحكومية. وفي عام 2007 تم اكتشاف كميات كبيرة من اليورانيوم. وأنشأت عدة شركات تعدين دولية مقراً إقليمياً في بوتسوانا، حيث يعود التنقيب عن الألماس والذهب واليورانيوم والنحاس والنفط بالعديد من النتائج الإيجابية. وأعلنت الحكومة في أوائل عام 2009 أنها ستحاول التحوّل عن الاعتماد الاقتصادي على الألماس بسبب المخاوف الخطيرة حول نضوب الألماس من بوتسوانا على مدى السنوات العشرين المقبلة. ورغم انفتاح البلاد على المشاركة الأجنبية في اقتصادها، تحتفظ بوتسوانا بعدد من القطاعات لمشاركة المواطنين. وتلعب زيادة الاستثمارات الأجنبية دوراً هاماً في خصخصة الشركات المملوكة للدولة. وتتسم أنظمة الاستثمار بالشفافية، وإجراءات بيروقراطية مبسطة ومنفتحة على الرغم من البطء بعض الشيء.