تسمّر الجزائريون، على غرار ملايير الأشخاص عبر العالم، أمام شاشات التلفزيون يتابعون إعطاء إشارة انطلاق المونديال البرازيلي، وسط ترقب وشغب كبيرين لأول ظهور للمنتخب الوطني الذي سيرفع التحدي للمرة الرابعة. لم يختلف الأمر عما عايشه العاصميون في مونديال جنوب إفريقيا، فقد اضطر عشاق الكرة المستديرة إلى مغادرة مواقع أعمالهم مبكرا تفاديا للوقوع في فخ الاختناقات المرورية وأملا في العثور على مواقف شاغرة لسياراتهم بأحياء إقاماتهم. ومع ذلك فقد تسبب التدفق الكبير للمركبات وتعمّد أصحاب المحلات غلق محلاتهم في غير الأوقات المعتادة في الازدحام عبر المحاور الرئيسية في العاصمة، وخاصة على مستوى الطريق السريع بين زرالدة وباب الزوار. وأدى تهافت الناس على مشاهدة حفل افتتاح المونديال، بطبعته البرازيلية، بمحلات بيع المأكولات والوجبات الخفيفة إلى العمل دون توقف، ومنهم من علق “لافتات” تبلغ الزبائن بنفاد مخزون الطعام و«الساندويتشات”، مثلما كان الحال في بعد شوارع أحياء بن عكنون والعاشور، فيما فضل قلة من أصحاب متاجر البقالة الإبقاء على محلاتهم مفتوحة ومتابعة مجريات المونديال عبر أجهزة تلفزيونات أحضروها خصيصا لذلك واصطياد عصفورين بحجر واحد! وقد شاركت “الخبر” عشرات الشبان ببلدية بابا حسن أجواء افتتاح العرس الكروي على شاشة عملاقة نُصبت بخيمة بوسط المدينة خصّيصا لنقل الاحتفاليات، حيث خصّص صاحب الخيمة فضاء كبيرا لمتابعة المباريات، على مدار شهر كامل، متوفر على كل مواصفات الراحة، بتوفيره كل الظروف الملائمة للزوار من صوت وصورة قربت منهم الأجواء وجعلتهم يعايشون الحدث وكأنهم حاضرون بمدرجات الملاعب، بالإضافة إلى الخدمات والاستقبال الجيد للزوار. ويقول عبدو، وهو صاحب الخيمة أن الشبان يتوافدون لمشاهدة المقابلات ومناقشة أداء اللاعبين، وتعرض الخيمة المباريات المثيرة، سواء كانت وطنية أو عالمية، من خلال نشر توقيتها على موقعها على الفايسبوك، حيث يتفاعل المناصرون للفرق بتعليقاتهم وآرائهم حول أداء اللاعبين. الباهية تترقب مباريات “الخضر” أما في مدينة وهران فكان كل شيء جاهز ليتابع عشاق كرة القادم الانطلاق الرسمي لمونديال البرازيل، حيث لم يضطر أصحاب المقاهي إلى إجراء تغييرات كبيرة لمحلاتهم لاستقبال المتفرجين، الذين تعودوا على ملء هذه الفضاءات بمناسبة مباريات البطولات الأوروبية على وجه الخصوص. فقد كانت المقاهي وصالونات الفنادق الفخمة نقطة لقاء المتفرجين المتعودين على التردد عليها. في حين رجع كثير من المواطنين إلى مساكنهم، التي تتوفر فيها ما لا يتوفر في المقاهي، وهي المكيفات الهوائية لمتابعة حفل الافتتاح في جو لطيف. وبدت مدينة الباهية، خلال بث حفل افتتاح كأس العالم، كأنها مدينة أشباح، باستثناء مواكب الأعراس التي كسرت الصمت الذي خيم عليها بمنبهات السيارات، أو صافرات سيارات الشرطة التي توجهت بكثافة إلى حي سيدي الهوراي العتيق الذي خرج سكانه إلى الشارع للتظاهر احتجاجا على قائمة السكن الاجتماعي. وبدت مدينة وهران، وغيرها من مدن غرب البلاد، مع استثناءات قليلة، غير معنية ظاهريا بهذا الحدث الكروي الذي تشارك فيه الجزائر، حيث لم يتنافس المناصرون في تعليق أكبر راية وطنية، كما جرت العادة منذ تصفيات مونديال بلد الراحل نيلسون مانديلا. حيث مازالت المدن لم تمسها حمى الرايات الوطنية وأغاني مناصرة الفريق الوطني. ففي مدينة وهران، خرج سكان حي سان بيار كعادتهم الأوائل وعلقوا راية عملاقة في أقواس شارع العربي بن مهيدي قبالة ساحة الحريات. وباستثناء هذا تبقى “الرايات” مخزنة في المنازل ولدى المناصرين، ربما في انتظار أن يتأهل الفريق الوطني إلى الدور الثاني وتنفجر المدن والقرى. أما الشارع القسنطيني فهو يعيش هذه الأيام على وقع أخبار المونديال الذي انطلقت فعالياته أول أمس في بلاد الأمازون، وجميع انظار عشاق الرياضة الأكثر شعبية في العالم تترقب أول ظهور للمنتخب الوطني.. من خلال ترصد ترددات القنوات التي تتيح مشاهدة المباريات. “بي إن سبورت” تخسر المعركة وحسب آراء بعض المواطنين الذين التقتهم “الخبر”، فإن إشكال العثور على قنوات ناقلة للمونديال غير مطروح بتاتا لديهم، رغم هاجس التشفير الذي تفرضه قنوات “بي إن سبورت” على زبائنها، فإذا كان ميسورو الحال قد أقبلوا بكثرة على محلات بيع أجهزة استقبال القنوات القطرية، رغم ثمنها المرتفع، فإن الطبقة المتوسطة وجدت البدائل الكثيرة لمتابعة الحدث على المباشر، من خلال استقطاب العديد من القنوات الألمانية المتواجدة في قمر أسترا، إضافة إلى القنوات الإفريقية المتواجدة في القمر الأوروبي “أوتل سات 3”، علاوة على قنوات أخرى حطمت أنظمة فك تشفيرها، وكذا القناة الوطنية الأرضية التي تتيح لمشاهديها متابعة 24 مواجهة من المونديال. ورغم صخب المونديال، إلا أن مواطني قسنطينة لا زالوا ينتظرون بشغف موعد المواجهة الأولى ل«الخضر” أمام منتخب بلجيكا، متمنيين أن يكون أشبال حاليلوزيتش في مستوى الحدث، وتجاوز خيبة المشاركة المسجلة في الدورة السابقة بجنوب إفريقيا. تنصيب شاشات عملاقة في ساحات سطيف وعلى نفس منوال عاصمتي الغرب والشرق، خلت شوارع مدينة سطيف ليلة أول أمس من المارة والسيارات، خاصة قبيل بداية انطلاق حفل افتتاح المونديال، حيث اكتظت المقاهي ومحلات الوجبات السريعة والبيتزا بالمشاهدين، خاصة وأن معظم هذه المحلات بادر أصحابها بتركيب أجهزة “بي إن سبورت” بهدف جلب أكبر عدد من الزبائن، في حين تتفاجأ بين الحين والآخر بإخراج أحد الشباب لبرنامج بث المباريات في القنوات الأوروبية دون تشفير. وقد شكل توقيت مباراة البرازيل ضد كرواتيا عاملا قويا لارتفاع نسب المشاهدة، خاصة وأنه يأتي بين صلاتي المغرب والعشاء، حيث بادرت العديد من المقاهي بوسط مدينة عين الفوارة إلى تعليق شاشات عملاقة، زيادة على أن فصل الصيف يجعل من أجواء متابعة المباراة في الهواء الطلق أمرا ممتعا. كما تعكف مختلف المصالح البلدية والولائية على تنصيب شاشات عملاقة بمختلف الساحات العمومية من أجل متابعة مباريات الفريق الوطني، خاصة منها ساحة البريد المركزي وساحة عين الفوارة وبعض الساحات في أحياء 1014 مسكن و1006 مسكن. من جهة أخرى، أكد العديد من أصحاب المطاعم أن مبيعاتهم زادت بشكل ملفت للانتباه عشية المباراة الافتتاحية، وهذا بعد أن فضلت الأسر عدم تحضير وجبة العشاء في المنزل وتناولها جاهزة.