وجّه الممثل السابق للجنة التنسيق للمطالبة بحقوق ضحايا الحبس المؤقت، زين عبد الله، نداء إلى وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية المكلف بالمشاورات حول تعديل الدستور، يطلب فيه “دسترة الاعتراف بأخطاء الدولة تجاه الأفراد في الحبس المؤقت، لأن الدستور الحالي يتضمن فقط الإشارة إلى الأخطاء القضائية”. أفادت فئة ضحايا الحبس المؤقت في عريضة تحوز “الخبر” نسخة منها، أن “الجزائر وبعد تأخرها منذ فجر الاستقلال في مسؤولية الدولة في أخطائها تجاه مواطنيها، بحيث تم إدراج الحديث عن الخطأ القضائي في دستور 1976 ضمن المادة 43 ودستور 1996، فيما استقر القانون الأساسي للدولة بنص المادة 49 على أن كل ضحية للخطأ القضائي يستحق التعويض، ويكون ذلك على خزينة الدولة ويحدّد التنظيم ذلك، وظلت الأمور على حالها منذ 1976”. وأوردت العريضة أنه “لم تصدر قوانين تحدد كيفية رد الاعتبار لضحايا الأخطاء القضائية، وكل مواطن يرفع قضيته ترفض لعدم وجود نصوص تطبيقية تجبر الدولة على تصحيح أخطائها تجاه مواطنيها، طبقا للمبدأ الدستوري المتضمن قرينة البراءة، كل متهم بريء حتى تثبت إدانته”. وكانت سنة 1996 التي قاد فيها أحمد أويحيى عملية “الأيادي النظيفة”، قد شهدت، حسب المصدر، الزج بأكثر من 7000 موظف وإطار في غياهب السجون بتهم سوء التسيير وحل المؤسسات. وبعد حصول أغلبية الضحايا للحبس المؤقت على أحكام البراءة النهائية التي بقيت لا معنى لها، إلى غاية تأسيس لجنة إصلاح العدالة وصدر القانون 01/08 المؤرخ في 26 جوان 2001 من المادة 137 إلى 137 مكرر 14 في قانون الإجراءات الجزائية لتأسيس لجنة التعويض عن الحبس التعسفي على مستوى المحكمة العليا”. وفي مادته 531 مكرر، ينصص على لجنة التعويض على الأخطاء القضائية، ليفرج عن قانون مستمد من مادة دستورية منذ 1976 في سنة 2001، وبقيت الأمور مجمدة إلى غاية 2008، حيث فصلت هذه اللجنة المختصة بطلبات التعويض عن الحبس المؤقت في ملفات بتعويضات مهينة لفائدة الضحايا”. وذكر ممثل ضحايا الحبس المؤقت أن “الدستور الحالي في المادة 49 يتحدث فقط عن الأخطاء القضائية، بمعنى اكتشاف براءة شخص في قضية فصل فيها نهائيا ضده سابقا، بينما لا وجود في المادة نفسها لذكر ضحايا الحبس المؤقت التعسفي وهو يختلف تماما عن معنى الأخطاء القضائية”. ويلح الضحايا على ضرورة “ترسيم ودسترة عدم تقادم حقوق تعويض جبر الدولة لأخطائها في الحبس ظلما، أو الأخطاء القضائية ضد المواطن وتقنين الأيلولة لذوي الحقوق، بالنظر إلى أن حرية الأفراد وقرينة البراءة من المظاهر المتقدمة والمتحضرة لدولة الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تنشدها الإنسانية، لأن الأخطاء القضائية والحبس التعسفي قد تشمل الإطار والفلاح والصحفي والتاجر وكل الفئات، وأن ربط مهلة جبر الضرر ب6 أشهر في قانون الإجراءات الجزائية مخالف للدستور الجزائري”. واعتبر محدثنا أن “الفرصة مواتية أكثر من أي وقت مضى لضرورة التركيز وعدم السقوط في العموميات، وحصر تعديل الدستور في مواد مرتبطة مباشرة بالانتخابات والمناصب، بدلا من التأسيس لدولة المؤسسات والحقوق”، داعيا “الأحزاب السياسية للتأني في دراسة مسودة الدستور لارتباط الأمر بمصير الأجيال، وتمحيص المواد التي تقوّي حرية التعبير والأحزاب السياسية والمجتمع المدني وحرية الصحافة والعدالة المستقلة كمقومات للدولة العادلة”. وأوضح رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، في اتصال مع “الخبر”: “أنا أدعم مطلب هذه الفئة، ومن الضروري سن قانون تعترف فيه العدالة بأخطائها، لأن هذا السلوك يزيد من شأنها ولا ينقص منه”. وقال قسنطيني إن “هذا الاعتراف مبدأ بسيط ومعقول، اعتبارا بكون الخطأ القضائي سببه الرئيسي التسرع في إصدار الأحكام، لذلك تعويض الضحايا حق أساسي، ولا يجب أن يكون رمزيا فقط، بل قويا”، مشيرا إلى أن “دسترة هذا الاعتراف يكون عن طريق قانون عضوي وليس في الدستور، لأن هذا الأخير يجمع المبادئ العامة”. من جانبه، أشار رئيس رابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، نور الدين بن يسعد، في اتصال به، إلى أنه “من المفروض تعويض ضحايا الحبس المؤقت، لاسيما أولئك الذين تحطمت حياتهم مهنيا واجتماعيا”. وأضاف المتحدث أن “حمايتهم يجب أن تكون ضمن قانون، نظرا لغيابه، مادام أن الدستور يضمن المحاكمة العادلة واستقلالية القضاء”.