تشارف مشاورات الدستور على الدخول في أسبوعها الأخير، بعد مرور أكثر من شهر على إطلاقها في بداية جوان الماضي، استمعت خلالها رئاسة الجمهورية إلى رؤية عشرات الأحزاب السياسية والشخصيات والكفاءات الوطنية، لشكل ومضمون الدستور القادم للبلاد، في حين ارتأى جزء واسع من المعارضة مقاطعة هذه المشاورات نظرا لتشكيكهم في “جديتها”. تميز يوم أمس، باقتراح رئيس حزب الاتحاد من أجل التجمع الوطني هواري حميدي، تضمين مشروع تعديل الدستور المرتقب مادة “تجرم كل من يسيء إلى المؤسسة العسكرية”. ونادى بضرورة أن تتضمن ديباجة الدستور فقرة تتحدث عن دور الجيش الوطني الشعبي باعتباره “الدرع المقدس للجمهورية”، مبرزا أن هذه المؤسسة “جنبت الجزائر دوما أزمات وكوارث كبرى”. ويأتي هذا الاقتراح بعد أشهر من اتهام البعض لأمين عام الأفالان عمار سعداني بالإساءة للمؤسسة العسكرية بعد تصريحاته المناوئة للجنرال توفيق مدير مديرية الأمن والاستعلامات بالجيش. من جانبه، دعا رئيس الجبهة الوطنية للأصالة والحريات عبد الحميد جلجلي، عقب اللقاء الذي جمعه بوزير الدولة، مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، المكلف بإدارة المشاورات، إلى إعداد دستور تكون مرجعيته كل مكونات الهوية الوطنية، بحيث يجد كل جزائري وجزائرية نفسه فيه”. كما شدد المتحدث على “مشاركة الجميع في بلورته إلا من أبى من أجل أن يكون دستور أمة لا دستور طائفة أو جهة وذلك ضمانا لتطبيقه ميدانيا”. كما طالب الحزب الجزائري الأخضر للتنمية بتكريس دولة المؤسسات لترسيخ الديمقراطية من خلال تعميق الحريات الفردية والجماعية. وأكد رئيس الحزب علي عمارة على “ضرورة تكريس دولة المؤسسات من خلال تعميق الحقوق الفردية والجماعية، حتى تتمكن الجزائر من مواجهات “تحديات الألفية سواء كانت منها التحديات البيئية أو الاقتصادية”. وأعرب عن أمله في “تحقيق مصالحة مع الذات وبين المواطنين والمؤسسات والحاكم وتحسين العلاقات”. بدوره، دعا حزب النور الجزائري، إلى “دسترة مجلس سياسي استشاري وهيئة خبراء تعنى بالمدن والأحياء”. وأوضح الأمين العام للحزب بلباز بدر الدين أنه اقترح أيضا إنشاء “هيئة خبراء المدن والأحياء” تضم خبراء ومختصين في مختلف الميادين للاطلاع على ظروف الأحياء والمدن ونقل انشغالات المواطنين للهيئات المختصة. وأكد على رغبته في تبني النظام شبه الرئاسي ودسترة “مجلس أعلى للمحامين” لحماية المحامين من مختلف “الضغوطات”. وضمن الحزب مقترحات في الجانب الاقتصادي أبرزها “تشكيل عاصمتين الأولى سياسية وأخرى اقتصادية ودسترة منحة للبطال”. ورافع الأمين العام لحزب الخط الأصيل عبد القادر سلام من أجل نظام شبه رئاسي في الدستور الجديد. وبعد دعوته ل “استبدال عبارة حرب بالثورة في الديباجة” مشيرا إلى أن “الشعب الجزائري قام بثورة وليس بحرب”. اقترح الحزب على لسان أمينه العام “تجريم الاستعمار” وكذا جعل المصالحة الوطنية في الدستور “مرتبطة فقط بالمأساة الوطنية حتى لا يفهم البعض أن هناك نوايا للمصالحة مع من خانوا البلاد من الحركى خلال الثورة”. وينتظر أن تنتهي المشاورات الجارية في 8 جويلية القادم، مثلما ذكر أحمد أويحيى في ندوته الصحفية الأخيرة، حيث ستكون رئاسة الجمهورية قد استقبلت حوالي 140 شريكا يتوزعون بين أحزاب وشخصيات وكفاءات وطنية، لتبدأ المرحلة التالية من كتابة الدستور ثم عرضه على الاستفتاء.