على هذا الأساس، يؤكد الخبير الاقتصادي والمالي كمال رزيق على أن تدني قيمة العملة الوطنية من جهة والتصاعد المستمر لأسعار المنتجات والتكاليف اليومية التي يتحملها المواطن يوميا من جهة أخرى، يلغي الفائدة من الزيادات في الأجور، حيث اعتبرها مجرد ”أجور اسمية” كونها لا تعكس الحقيقة الفعلية للقيمة الشرائية للدينار التي تنخفض في مقابل العملات العالمية، مع زيادة الكتل النقدية التي يستفيد منها المواطنون من منطلق الزيادات في الأجور. وشدّد المتحدث في اتصال مع ”الخبر”، على ضرورة اتخاذ السلطات العمومية إجراءات استعجالية لحماية قيمة العملة الوطنية، خلال التعاملات المالية والتجارية على مستوى السوق المحلية بالدرجة الأولى، على اعتبار أن المعاملات الخارجية وصفقات الاستيراد والتصدير تتم على أساس عملات أخرى، كما هو الشأن بالنسبة للدولار في مجال تصدير المحروقات والعملة الأوروبية الموحدة الأورو عندما يتعلق الأمر بالاستيراد، إذ تعتبر الدول الأوروبية أول مورد للجزائر. وأكد رزيق بالمقابل أنه كان من الأوْلى على الحكومة حماية المعاملات التجارية في السوق الوطنية من ممارسات المضاربة والاحتكار بدلا من الزيادات ”الصورية” في أجور الموظفين، في حين تبرر السلطات العمومية ظاهرة التهاب الأسعار بتسويق فكرة مبدأ العرض والطلب ”المعطل” في ظل سيطرة البارونات والسماسرة على السوق ومصادر التموين، عن طريق المنتوج المحلي، على غرار الخضر والفواكه أو عبر إحكام سيطرتها على الاستيراد، وأشار إلى وجود شبه اتفاق في الأسعار بين الممونين، الأمر الذي يؤدي إلى خلل في قواعد المنافسة التجارية التي تقوم عليها فكرة السوق الحرة. وفي نفس الإطار، أوضح المتحدث أن الارتفاع المستمر للتضخم يمتص فارق الزيادات في الأجور بالموازاة مع ارتفاع التكاليف، وعلى هذا الأساس، فإن الزيادات المرتقبة قريبا على رواتب العمال عقب مراجعة المادة 87 مكرر من قانون العمل وإعادة تعريف الحد الأدنى للأجر القاعدي المضمون، لن يكون لها أثر حقيقي على القدرة الشرائية للمواطن، إلاّ إذا أحكمت السلطات العمومية سيطرتها على معاملات السوق أمام ممارسات المضاربة والاحتكار، بالإضافة إلى إعادة الاعتبار لقيمة الدينار الذي بدأت قيمه الصغيرة تزول تدريجيا من التعاملات التجارية.