قررت الجزائر، حسب مصدر عليم، اعتماد سياسة دفاعية جديدة على الحدود مع ليبيا التي تمتد على مسافة 1000 كلم تقريبا، تعتمد على خلق تحالفات قبلية وسياسية مع القبائل والوجهاء المحليين وربط علاقات قوية مع سكان المناطق الجنوبية الشرقية في ليبيا، وذلك بعدما أشارت تقارير أمنية إلى أن أمام ليبيا ليس أقل من 3 سنوات لبسط سيطرة الدولة بالكامل على الإقليم الليبي الشاسع. قال مصدر أمني إن مخططا أمنيا وسياسيا انطلق منذ عدة أشهر يهدف إلى “مساعدة سكان جنوب غرب ليبيا على خلق منطقة آمنة ومستقرة”، ومنع التيارات التكفيرية من الانتقال للمنطقة، ومطاردة المسلحين التكفيريين بالاعتماد على مبادرات السكان المحليين. وبدأت الجزائر مرحلة جديدة من العلاقة الأمنية مع الجارة ليبيا، على ضوء تقارير أمنية حذرت من احتمال تواصل الفوضى في ليبيا لسنوات قادمة، في ظل زيادة نفوذ الجماعات السلفية الجهادية، وتراجع دور الحكومة الليبية المركزية. وأفاد مصدر أمني رفيع بأن تقارير أمن جزائرية وغربية تشير إلى أنه حتى في حالة التوصل إلى توافق سياسي محلي في ليبيا، فإن أمام الجارة الشرقية للجزائر ما لا يقل عن 3 سنوات لفرض سيادة الدولة على الإقليم الشاسع. وتواجه السلطات الليبية، حسب التقارير الأمنية المتداولة، صعوبة كبرى بسبب نقص الكادر الأمني وعدم وجود سياسة دفاعية وعقيدة قتالية واضحة منذ انهيار نظام العقيد القذافي قبل 3 سنوات، وتحتاج ليبيا إلى ما لا يقل عن 3 سنوات في حالة التوصل إلى توافق سياسي من أجل استعادة السيطرة على كامل الإقليم الليبي. وتضع هذه التنبؤات قوات الجيش الوطني الشعبي، أمام صعوبات جسيمة لفرض الأمن على المدى البعيد، وقال مصدر أمني إن مخططا تم التوصل إليه بالتنسيق بين وزارة الخارجية ومصالح الأمن، يعتمد على التوصل إلى تفاهمات عرفية مع سكان المناطق الجنوبية الشرقية في ليبيا من أجل أن تستقر هذه المناطق على الأقل حتى لا تنتقل القلاقل إلى الحدود الجزائرية، بالإضافة إلى محاولة منع التيارات التكفيرية من السيطرة على المنطقة ومطاردتها. وقال مصدر أمني رفيع إن المبادئ الأساسية التي تقوم عليه السياسة الخارجية والعقيدة الدفاعية للجزائر، تنصص على عدم جواز التدخل في الشؤون الخارجية للدول، وعدم التحاور مع جماعات مسلحة وعدم إرسال قوات جزائرية إلى الخارج، إلا أن الخطر الذي يمثله تمدد التنظيم الدولي “داعش” فرض على الجزائر محاولة نقل تجربة التفاهم بين السلطات الجزائرية وسكان إقليم أزواد إلى جنوب غرب ليبيا من أجل فرض الاستقرار في المنطقة، لأن البديل في المستقبل قد يكون تواجد “داعش” على الحدود الجنوبية الشرقية للجزائر. وبلغ التنسيق بين مصالح الأمن الجزائرية المتخصصة في مكافحة الإرهاب، وبعض القيادات القبلية في جنوب غرب ليبيا، مرحلة متقدمة جدا، وقال مصدر عليم إن الحكومة تريد استنساخ تجربة ربط علاقات قوية مع قيادات قبلية في شمال مالي في ليبيا من أجل توفير حد أدنى من التنسيق الأمني لمنع تعرض الجنوب الشرقي للجزائر لهجمات إرهابية من جهة، والإطاحة بالإرهابي مختار بلمختار. وقررت السلطات الجزائرية، حسب المصدر نفسه، تقديم تسهيلات في العلاج والتنقل إلى الجزائر لقيادات قبلية ليبية أغلبها من مناطق غدامس وأوباري الحمادة الحمرا وتينيري. وتضمنت التسهيلات السماح بالدخول إلى الجزائر، رغم أن الحدود مغلقة، وبعض التسهيلات الأخرى مثل نقل مواد إغاثية وأدوية. وجاء الإجراء في إطار مخطط أمني وعملية سياسية متزامنة، هدفها ربط علاقات قوية مع قيادات قبلية ووجهاء محليين وقيادات ميليشية محلية من أجل ضمان استقرار المناطق الحدودية المشتركة بين الجزائر وليبيا. وأشار المصدر ذاته، إلى أن أحد أهم أهداف التنسيق الأمني بين الجزائر وأطرف محلية في ليبيا، هو مطاردة جماعة مختار بلمختار ومنعها مع حلفائها من التكفيريين من استغلال جنوب غرب ليبيا كقاعدة انطلاق لهجمات إرهابية، مثل ما وقع في تيڤنتورين قبل 22 شهرا.